Duroos of Sheikh Abdullah Al-Jalali
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
Noocyada
مكر الله بالكافرين وحفظ رسوله منهم
اتفق الكفار على ذلك وقرروا أن يقضوا على الرسول ﷺ، وأرسلوا من يراقب داره ﵊ إلى الصباح، لكن الله تعالى أخبره فخرج من الدار، وبقي علي بن أبي طالب نائمًا في فراشه إلى الصباح.
أشار الله ﷿ إلى هذه المؤامرة يذكر محمدًا ﷺ، ويذكر المسلمين، الذين ما زالوا يتفيئون ظلال هذا الدين، وتلك الهجرة إلى يوم القيامة يقول تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ [الأنفال:٣٠]، بعضهم يرى القتل، وبعضهم يرى الإثبات الذي هو القيد، وبعضهم يرى الإخراج، لكن هذا المكر لا يضر إنسانًا حفظه الله ﷾، ولذلك يا إخوان! يجب على المسلم أن يتعلق بالله ﷿ وحده، وإذا تعلق بالله ﷿ وحده فإن الله تعالى يكفيه شرور الناس أجمعين، لأن نواصي الخلق بيده، وقلوبهم في قبضته، ولأنه لا يصيب هذا الإنسان إلا ما كتب الله له، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
الخوف من البشر غير وارد، يجب أن يكون الخوف من رب البشر، الذي يملك الموت والحياة والرزق وغير ذلك، وهنا يقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ﴾ [الأنفال:٣٠]، والمكر معناه: الخداع، ﴿وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال:٣٠]، إذًا: مكر هؤلاء لا يمكن أن يضرك ما دام الله تعالى قد مكر لك، وما دام الله ﵎ قد حفظك من مكر هؤلاء، ولذلك هم مكروا وأرادوا قتله، ومكر الله تعالى بهم فأخرجه من بينهم، وذر على رءوسهم التراب ﵊، وهو يتلو قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ [يس:٩].
ويخرج أمام أعينهم ويحفظه الله ﷿، ويذهب مع أبي بكر إلى غار ثور، ويبقى ثلاثة أيام هناك، والقوم يصلون إلى باب الغار ثم يرجعون، دون أن ينظروا إلى محمد ﷺ، هكذا يحفظ الله ﷿ رسله وأولياءه! وهذا الحفظ باق وخالد إلى يوم القيامة، بشرط أن نأخذ بأسباب هذا الحفظ، وأن يكون اعتمادنا وتوكلنا على الله ﷿، لا نتعلق بالبشر والمخلوقين مهما كانت قوتهم ضاربة في الأرض، فإن هذه القوى لا تغني من الله ﷿ شيئًا إذا أراد الله تعالى لها ألا تكون.
أيها الإخوة! قال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال:٣٠]، فإذا خاف الإنسان من غير الله ﷿ فعليه أن يراجع إيمانه، وعليه أن يجدد هذا الإيمان، وأن يعلق الخوف والرجاء بالله ﷿.
وقد أنزل الله تعالى هذه الآية حاكيًا ما فعله القوم وما دبروه ضد محمد ﷺ، وكان ذلكم السبب والشرارة الأولى لقيام الدولة الإسلامية، بحيث ينطلق هذا الموكب العظيم إلى المدينة ليقيم هناك دولة الإسلام، وليعلن الجهاد في سبيل الله، ثم يكون هناك الفرقان بين الحق والباطل.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله.
4 / 23