ملحوظات على الناس أثناء الطواف
الملحوظة الأولى: بعض الناس لا يبدأ الطواف بالحجر الأسود من محاذاته، رغم وجود خط موازٍ للحَجَر الأسود، بعد أن عدلته الدولة، ليكون موازيًا للحَجَر، رغم ذلك بعضُ الناس يبدءون قبل الحَجَر الأسود احتياطًا.
وهذا من الخطأ.
فالأولى أنه متى حاذى هذا الحَجَر كَبَّر.
ورأينا كثيرًا من الناس يعكسون الطريق، ثم يبدءون من الباب، إذا وجد الباب قال: الله أكبر، فإذا قلتَ له: ارجع، بَقِي الحَجَر، قال: زحام، الله غفور رحيم، امْشِ وكفى.
نقول: هذا قد نقص عليه طوافٌ مِن أَطْوِفَتِه، ولم يتم طوافه سبعة أشواط.
وهذا بسبب الجهل وعدم فقههم في تطبيقهم لهدي النبي ﷺ، فإن المصطفى لما طاف قال: (خذوا عني مناسككم، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) صلوات ربي وسلامه عليه، فأخذ الصحابةُ المناسك عنه، فطبقوا كما يفعل النبي ﷺ.
الملحوظة الثانية: مِن الناس مَن يطوف مِن داخل الحِجْر للاختصار، والناس يسمون هذا الحِجْر بحِجْر إسماعيل، وهذا اللفظ مبتدع، ولا يسمى حِجْرًا لإسماعيل؛ لأنه لم يُنقل عن النبي ﷺ ولا عن الصحابة أنه سُمِّي بهذا الاسم.
فالطواف داخل الحِجْر ليس طوافًا صحيحًا، فمن طاف شوطًا أو شوطين، ثم أكمل البقية من الخارج قلنا: بقي عليك شوطان، فإنك لم تطف.
الملحوظة الثالثة: كذلك من الملحوظات في الطواف: قضية أخذ الدعاء والمنسك، ويبدءون: اللهم بتلبية جماعية.
وبعضهم قد ينتهي من هذا الدعاء قبل الانتهاء من الطواف لوجود الزحام، فيسكت حتى يصل إلى الحَجَر، كأنه يعمل (أوتوماتيكيًا) مع هذه الورق! وهذا من الخطأ، فإن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج، فادعُ بما شئت من خيرَي الدنيا والآخرة.
الدعاء الجماعي له خطورته؛ لأنه يشوِّش على إخوانه، فإذا كان النبي ﷺ قال للصحابة وهم يقرءون القرآن: (لا يؤذي بعضُكم بعضًا) فكيف بالأدعية؟! تسمع من هذا بلغة، ومن هذا بلغة، وتسمع من هذا دعاءً مرتفعًا، ومن هذا دعاءً منخفضًا، ويبقى الإنسان لا يشعر بلذة الدعاء ولذة الطواف حول هذا البيت.
الملحوظة الرابعة: بعض الناس يطوفون حول الكعبة للتمسُّح بها وبملحقاتها، فتجده يمسح الجدار ثم يمسح وجهه، ويمسح الحِجْر ثم يمسح وجهه، ويمسح (اللمبة) التي على الحِجْر وهي ربما أتت من إيطاليا ويمسح ويمسح ويتبرك (بألومونيوم) إيطاليا ثم يمسح وجهه، وليس فيه فائدة أصلًا.
وهذا كله من الجهل والخطأ في تطبيقهم لسنة النبي ﷺ.
وتجد الأم أيضًا تمسح وجه الطفل، وبعضُهم (يصَنْفِرون) وجوههم يَمْنَةً ويَسْرَةً على الكعبة وعلى أستار الكعبة! فنقول: إن مسح الوجه بهذا الشيء لم يوجد عليه دليل عن النبي ﷺ.
الملحوظة الخامسة: تجد بعض الناس يقبِّلون الركن اليماني، وهذا من الخطأ ومن الجهل، وهو ليس محل تقبيل، وإنما هو محل استلام.
الملحوظة السادسة: الإشارة إلى الركن اليماني مع أن الإنسان لم يستلمه، فإن الإنسان إذا لم يستلم الركن اليماني فلا حاجة لأن يقول: الله أكبر، ويشير إليه.
الملحوظة السابعة: زيادة بعد قولنا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة:٢٠١] يا عزيز، يا غفار، يا ذا الجلال والإكرام، يا غفور، يا رحيم! وهذا اللفظ ليس له نص، وليس فيه دعاء وارد.
الملحوظة الثامنة: التكبير ثلاثًا عند الإشارة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وبعض الناس يُعَلِّق، فلا يَكُفُّ عن التكبير حتى يُدَفع أو يُبْعَدَ عن الطريق.
وهذا من الخطأ، إذْ أن تكبيرةً واحدةً تكفي، كما كان النبي ﷺ يفعل، وذلك ما قاله جابر في الحديث الذي يروي فيه صفة حجة النبي ﷺ وطوافه، قال: (كلما حاذاه كَبَّر) .
فإذا حاذاه الإنسان وقال: الله أكبر، كفاه ذلك، ومشى وانطلق في طوافه.
الملحوظة التاسعة: المزاحمة الشديدة عند الحَجَر الأسود، وهنا تكون المعركة، ويخرج لنا فارس الميدان وبطل الحرم وبطل المطاف الذي يقبِّل الحَجَر ويَفْسَح الناسَ، ويصبح الإنسان يقول: والله كلما طفتُ شوطًا قبَّلتُ، وإن طوافي خيرٌ من طوافكم.
والله لستُ أدري أيؤجر هذا أم يؤزر على إيذائه لإخوانه؟! وتجد بعض الناس -وهذا من جهله- يقف في الصف نحو نصف ساعة، فيقطع الطواف.
وهذا ليس من الهدي، بل ينبغي أن يكون الطواف متتابعًا.
فعندها نقول: إذا وجدتَ زحامًا ومشقة لا حاجة لأن تقبِّل الحَجَر، فطُفْ، فقد يذهب الإنسان إلى مكة سنة أو سنتين لا يقبِّل الحَجَر وطوافه صحيح وحجه صحيح وعمرته صحيحة، فلا حاجة لمزاحمة إخوانه.
متى تقبِّل؟ إذا لم يوجد زحام، فائت في أوقاتٍِ لا يكون فيها مشقة ولا زحام، فحينئذٍ يمكن للإنسان أن يقبِّل بدون أن يرهق إخوانه.
والأدهى والأمر: أن تأتي الوالدة وتقول: لا بد أن أطوف وأقبل الحَجَر، فيأتي أبناؤها وهم جنود الميدان، فيفتحون الطريق: تفضلي جزاك الله خيرًا، ثم تجد أنها قد تتعرض للرجال، وقد يزاحمونها، ثم تحصل لها مشقة فتسقط، أو يسقط ما على وجهها من الخمار، فتنكشف وقد يؤذيها بعض الناس.
وهذا من الخطأ والجهل، فإن المسلمة ينبغي لها ألا تزاحم الرجال، وتكون بعيدة.
الملحوظة العاشرة: عدم الاضطباع في طواف القدوم.
الملحوظة الحادية عشرة: عدم الرَّمَل في الثلاثة الأشواط الأولى للرجال.
الملحوظة الثانية عشرة: مسح الوجه والبدن باليدين بعد استلام الحَجَر الأسود، لأن بعض الناس إذا استلمه مسح يديه ووجهه وركبتيه وظهره، ومسح جيرانه ومن حوله تبرُّكًا بذلك! وهذا من الخطأ، ولهذا تجد بعض الناس يقدِّسون كل شيء حول الحرم! نقول: ليس عندنا شيء مقدَّس لذاته، قال عمر بن الخطاب: [والله إني لَأَعلم أنك حَجَر لا تنفع ولا تضر، ولولا أن رسول الله ﷺ قبَّلك ما قبَّلتُك] .
إذًا: علينا السمع والطاعة فيما يحصل، أما ما عداه فلا يكون.
الملحوظة الثالثة عشرة: التبرك بأشياء الكعبة، فتجد بعض الناس يبحثون عن الحلقات الصفر، وبعضهم يَلُفُّونها بأيديهم، وبعضهم يمسح وجهه بنوعٍ من النحاس قد يؤثر على وجهه وهذا من الخطأ.
وتجد بعض الناس يغافل الناسَ يَمْنَةً ويَسْرَةً، حتى إذا وجد خيطًا من أستار الكعبة التَفَتَ يمينًا ويسارًا وقَبَضَه وأدخله في جيبه وانطلق بهذا الصيد الثمين إلى أهله، وقال لهم: حَنانَيْكُم! هذا بعض الكعبة، فمن أراد البركة فليدفع شيئًا من النقود حتى نبرِّكه بجزء من الكعبة.
وهذا من الجهل والخطأ ومخالفةٌ لهدي المصطفى ﷺ.
الملحوظة الرابعة عشرة: استلام بعض الحجاج لجميع أركان الكعبة، فتجد المسلم يستلم الحَجَر الأسود، والركن اليماني، والشامي، والعراقي، ثم يستلم كذلك حِجْر إسماعيل، ويستلم (الشاذروان) وغيره.
وهذا من الخطأ، لا يُسْتَلَم عندنا إلا ركنان فقط، وما عداهما فلا استلام.
الملحوظة الخامسة عشرة: الانشغال في الطواف عن الطواف، فبعض الناس يصبح الطواف عنده محل فرجة، فيلتفت يمينًا ليبحث له عن أحد يسلم عليه، يلتفت يسارًا ليبحث له عن أحد يعرفه، وإذا رجع من الطواف جاءنا بأخبار الحرم كله: وجدتُ فلانًا وسلمتُ عليه، وآخر وصل بالأمس، وثالث أصيب بحادث وهكذا! وإذا سألته: أين رأيت هذا العالَم؟ قال: مع الطواف حينما كنتُ أطوف، فقد أخذنا أخبار الناس.
فالطواف ليس محل جني الأخبار، ويصبح بعض المحررين الإخباريين الصحفيين يطوف ليجمع الأخبار.
كثير مِن الناس مَن يفعل هذا.
فينبغي للمسلم إذا طاف أن يُطْرِق، فإن ابن عمر ﵁ وأرضاه قال: [فإنَّا في هذا الموضع نتراءى اللهَ تعالى] لأنهم طبقوا: (اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) .
الملحوظة السادسة عشرة: عدم قراءة الآية: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ [البقرة:١٢٥] .
الملحوظة السابعة عشرة: مزاحمة الناس خلف المقام.
الملحوظة الثامنة عشرة: تطويل الصلاة خلف المقام، وهذا من الخطأ، بعض الناس يصلي ركعتين خلف المقام، ويخشع كأنه في قيام الليل، ويبكي، ويطيلهما، وقد يقرأ سورتي البقرة وآل عمران.
فينبغي للإنسان خلف المقام أن يوجز، فالناس الذين يعتمرن أحوج منه، فإذا أراد الخشوع فلينطلق بعيدًا عن الناس حتى لا يؤذيهم ويشغلهم في مكانهم.
إذًا فليصلِّ ركعتين يقرأ فيهما: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ [الكافرون:١] و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:١] ثم ينتهي منهما.
الملحوظة التاسعة عشرة: بعد الانقضاء من الركعتين يمد الإنسان يديه، فيدعو طويلًا، ويأتي بدعاء يُسمى دعاء خلف المقام، وهذا ليس فيه دعاءً أصلًا، وإنما الوارد فيه هو: الصلاة خلف المقام، ونبينا ﷺ -وهو أفضل مَن حج واعتمر- ما دعا بعد الركعتين، بل صلى الصلاة، ثم انطلق ﷺ.
الملحوظة العشرون: تكرير الصلاة خلف المقام، إذا صلى الإنسان ركعتين أتْبَعَهُما باثنتين أو أربع أو ست، ثم بدأ يطيل، نقول: صلِّ ركعتين، ثم أفسح المجال لإخوانك.
الملحوظة الحادية والعشرون: إصرار بعض الناس على الوصول إلى المقام، والتمسُّح بالزجاج، فتجد بعض الناس يُصر على الوصول إلى المقام، وتجده ينادي أمه وإخوانه وأخواته: انظروا! فيمسح ذاك الزجاج (الكريستال)، ثم يمسح به وجهه وإخوانه، ثم ينطلق.
وبعض الهيئات والشرطة -جزاهم الله خيرًا- يمنعون، فإذا مُنِعَ أمر صاحبَه أن يُشْغِلهم، ويأخذ هو على حين غِرَّة فيسمح (الألومونيوم) ثم يقول: الحمد لله! فتستريح نفسه أنه مسح بهذا (الألومونيوم) وتَلذُّ نفسه به.
وهذا من الخطأ والجهل، فليس عندنا شيءٌ يُمْسَح إطلاقًا.
الملحوظة الثانية والعشرون: إسراع بعض الناس إلى باب الكعبة من حين سلام الإمام من الصلاة، فتجدهم يرون أنه لا بد من
3 / 49