الالتزام بالألفاظ الشرعية
أولها: عند عرض العقيدة وأصول الدين يلتزمون بألفاظ الشرع ومصطلحاته، فلا تجد عند السلف مصطلحات كلامية في تقرير العقيدة، ولا مصطلحات فلسفية، ولا مصطلحات صوفية، ولا مصطلحات باطنية، ولا مصطلحات أدبية، بل يلتزمون بألفاظ الشرع ومصطلحاته، وإذا اضطروا إلى مواجهة المصطلحات المحدثة؛ واجهوها بألفاظ شرعية بينة، لها دلالات من الكتاب والسنة، فقد يعبرون أحيانًا بتعبير موضح للقاعدة، لكن لا يخرجون عن اللسان العربي المبين، فقد يشرحون أصلًا من الأصول الموجودة في القرآن والسنة بكلام زائد عما في الكتاب والسنة، لكنهم يلتزمون المعنى بألفاظه الدقيقة، ولا يوقعون الناس في اللبس، وفي الإشكالات اللغوية، أو المحارات العقلية، أو السفسطات الفلسفية، بل يلتزمون ألفاظ الشرع ومصطلحاته.
ولذلك جاءت تقريراتهم بالعقيدة متفقة في ألفاظها ومعانيها، فلا تجد أحدًا من أئمة السلف قديمًا أو حديثًا يخالف الآخر في تقرير أصول الدين، وهذا -بحمد الله- من مقتضيات حفظ الله لهذا الدين.
فالسلف لم يختلفوا منذ عهد النبي ﷺ إلى يومنا هذا، ولن يختلفوا إلى قيام الساعة في أصول الدين، وإن اختلفوا في بعض الفرعيات التي تلحق بمسائل العقيدة، لكنها ليست أصولًا، بل هي من الأمور التي يسع فيها الخلاف، مثل الاختلاف في رؤية النبي ﷺ لربه ليلة المعراج: هل هي عينية أو قلبية؟ لكن اتفقوا على أصل مبدأ الرؤية، كما اختلفوا في مسائل كثيرة لكنها فرعيات، وقد تلحق بالعقيدة لكن أدلتها غير واضحة.
فهذه الأمور لا يلوم السلف بعضهم بعضًا في الخلاف فيها، أما أصول الإيمان وأركان الإسلام وأصول الاعتقاد المتعلقة بالرؤية وبالشفاعة وبكلام الله ﷿ وبالصفات هذه أصول واحدة لم يختلف عليها أحد من السلف منذ قديم الزمان وحتى الآن، ولن يختلفوا عليها إلى قيام الساعة، لأنها مسائل وأصول بينة واضحة، ولما وجد بعض الذين ندوا عن تعبيرات السلف في التعبير عن العقيدة؛ وقعوا في إشكالات، وأوقعوا الناس في إشكالات، كمن كتب عن الإسلام بأسلوب أدبي، تجد عنده تعبيرات باطنية قد لا يريدها، أو تعبيرات فلسفية، أو تعبيرات أدبية مائعة، لكنه لم يلتزم منهج السلف في التعبير عن العقيدة؛ فوقع فيما وقع فيه.
1 / 15