استخدام الدليل العقلي والفطري في استنباط الأدلة
رابعًا: من منهج الاستدلال أن السلف قد يستعملون الدليل العقلي والفطري -وهذا منهج القرآن، ففي كلام الله ﷿ نجد الاستدلال العقلي قائمًا، ولكن ليس استقلالًا، فالاستدلال بالأدلة العقلية راجع إلى كمال الله ﷿، ولا يعني ذلك أن البشر يستطيعون أن يسلكوا مسلك القرآن من كل وجه؛ لأن الله ﷿ هو خالق العقول، وهو الذي وضع من الأدلة والبراهين القرآنية ما يناسبها، لكن من الأدلة القرآنية ما لا تطيقه العقول استقلالًا؛ لأنه متعلق بكمال الاستدلال، وذلك لا يكون إلا لله ﷿، لكن مع ذلك فإن السلف يستخدمون الدليل العقلي والفطري لتأييد الوحي، واستنباط الدلالة، وتوجيه الأدلة ودلالاتها.
إذًا: الدليل العقلي عاضد، والدليل الفطري عاضد يؤصل له دليل من الكتاب والسنة؛ ولذلك لا يوجد عند السلف قاعدة في الدين أو أصل من أصول الدين دليلها العقل فقط؛ لأن الله ﷿ وفى في الوحي كل ما يحتاجه الناس في هذا الأمر، وإن احتاجوا إلى الاستدلال العقلي فمن باب تبيين الدلالة الشرعية، أو الدليل الشرعي، أو توظيف العقل لتأييد الشرع، وهذا لا حرج فيه، والسلف كانوا يسلكونه، بأن يأتوا بالدليل الشرعي ثم يعضدونه بالاستدلال من العقل أو الفطرة؛ لتقوية الأمر في قلوب الناس.
1 / 13