36

Durar

الدرر في اختصار المغازي والسير

Baare

الدكتور شوقي ضيف

Daabacaha

دار المعارف

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٣ هـ

Goobta Daabacaadda

القاهرة

بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَصَهَرُوهُمْ١ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ إِلا مَنْ وَاتَاهُمْ٢ فِيمَا أَرَادُوا وَأَوْهَمَهُمْ بِذَلِكَ إِلا بِلالٌ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ ﷿، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ، وَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ٣، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ، أَحَدٌ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ سَوَاءً٤، وَزَادَ فِي قِصَّةِ بِلالٍ: وَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلا، وَدَفَعُوهُ إِلَى الصِّبْيَانِ يَلْعَبُونَ بِهِ، حَتَّى أَثَّرَ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ مَلُّوهُ فَتَرَكُوهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي بَابه من كتاب الصَّحَابَة٥. وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلا مُجَاهِدٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ خَدِيجَةَ وَلا عَلِيًّا، وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ، وَمَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ كَانَ فِي جِوَارِ عَمِّهِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ٦ لَمْ يَظْهَرْ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ، فَلَمْ يُؤْذَيَا. وَهَؤُلاءِ السَّبْعَةُ ظَهَرَ مِنْهُمْ ذَلِكَ، فَلَقَوُا الأَذَى الشَّدِيدَ مِنْ قَوْمِهِمْ فَقَصَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الْخَبَرِ عَنْهُمْ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ٧: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ

١ فِي ر: وسمروهم. ٢ واثاهم: أطاعهم. ٣ الْولدَان: الغلمان وَالصغَار. ٤ ذكر ابْن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب ص٥٩ أَن حَدِيث مُجَاهِد فِي معنى حَدِيث ابْن مَسْعُود إِلَّا أَنه لم يذكر بَين السَّبْعَة الْمِقْدَاد وَذكر مَوْضِعه خبابا. ٥ انْظُر تَرْجَمته فِي الاسيتعاب ص٥٨ وَمَا بعْدهَا. وَقد وصف ابْن هِشَام فِي السِّيرَة ١/ ٢٠٥ تَعْذِيب قُرَيْش لَهُ، وَكَانَ لبَعض بني جمح، وَكَانَ الَّذِي يتَوَلَّى كبر تعذيبه أُميَّة بن خلف، فَكَانَ يُخرجهُ إِذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظَهره فِي بطحاء مَكَّة، ثمَّ يَأْمر بالصخرة الْعَظِيمَة فتوضع على صَدره. ثمَّ يَقُول لَهُ: لَا تزَال هَكَذَا حَتَّى تَمُوت أَو تكفر بِمُحَمد وَتعبد اللات والعزي فَيَقُول، وَهُوَ فِي هَذَا الْعَذَاب وَالْبَلَاء، أحد أحد. وكأنما كَانَ يزِيدهُ عَذَابه وبلاؤه إِيمَانًا فَوق إِيمَان، ورق لَهُ أَبُو بكر حِين رَآهُ يَوْمًا فِي هَذَا الهوان الشَّديد، فَاشْتَرَاهُ وَأعْتقهُ وَأعْتق مَعَه سِتا مِمَّن كَانُوا يُعَذبُونَ على الْإِسْلَام. وَسَيذكر ذَلِك ابْن عبد الْبر عَمَّا قَلِيل. ٦ فِي الأَصْل ور: فَإِنَّهُمَا. ٧ انْظُر فِي هَذَا الحَدِيث صَحِيح البُخَارِيّ ٥/ ٤٦.

1 / 42