264

Durar

الدرر في اختصار المغازي والسير

Baare

الدكتور شوقي ضيف

Daabacaha

دار المعارف

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٣ هـ

Goobta Daabacaadda

القاهرة

قَالَتْ: فَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ جَعَلَ يَقُولُ: $"مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى، مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا".
وَقَالَ حِينَ عَجَزَ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ: $"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". وَخَرَجَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ مَرَضِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ، يَحْمِلُهُ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا عَلِيٌّ وَالآخَرُ الْعَبَّاسُ، وَقِيلَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ فِي مَرَضِهِ: $"هَرِيقُوا١ عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ٢ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ" فَأُجْلِسُ فِي مِخْضَبٍ٣ لِحَفْصَةَ، ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ بِيَدِهِ أَنْ حَسْبُكُمْ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ. وَقد أوضحنا مَعَاني صلَاته فِي مَرضه بِالنَّاسِ مَعَ أبي بكر٤ وَمَكَان الْمُقدم مِنْهُمَا وَمَا يَصح فِي ذَلِك عندنَا فِي كتاب التَّمْهِيد، وَبِاللَّهِ توفيقنا.
وَأَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمًا يَسْأَلُونَ عَلِيًّا وَالْعَبَّاسَ عَنْ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقد اشْتَدَّتْ بِهِ الْحَالُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَصْبَحَ بِخَيْرٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا الَّذِي تَقُولُ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ فِي وَجْهِهِ مِنَ الْمَوْتِ مَا لَمْ أَزَلْ أَعْرِفُهُ فِي وُجُوهِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ اذْهَبْ بِنَا نَسْأَلْهُ فِيمَنْ يَكُونُ هَذَا الأَمْرُ بَعْدَهُ. فَكَرِهَ عَلِيٌّ ذَلِكَ، فَلَمْ يَسْأَلاهُ. وَاشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ فَجَعَلَ يَقُولُ: $"لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. إِنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَاتٍ. الرَّفِيقَ الأَعْلَى" فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى مَاتَ.
وَمَاتَ ﷺ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ بِلا اخْتِلافٍ، قِيلَ: فِي وَقْتِ دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ فِي هِجْرَتِهِ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى فِي صَدْرِ٥ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشَرَةَ لِتَمَامِ عَشْرِ سِنِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَقِيلَ: بَلْ دُفِنَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ وَلَمْ يَحْضُرْ غُسْلَهُ وَلا تَكْفِينَهُ إِلا أَهْلُ بَيْتِهِ، غَسَّلَهُ عَلِيٌّ، وَكَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ المَاء، وَالْعَبَّاس يعينهم وحضرهم

١ هريقوا: أريقوا وَصبُّوا.
٢ الأوكية: جمع وكاء وَهُوَ رِبَاط الْقرْبَة.
٣ المخضب: إِنَاء كَبِير أَو إجانة تغسل فِيهَا الثِّيَاب.
٤ مَعْرُوف أَن الرَّسُول ﵇ صلى وَرَاء أبي بكر فِي تِلْكَ الْأَيَّام صَلَاة تَامَّة، وَأَنه خرج يَوْمًا فصلى بجانبه، فتحول أَبُو بكر مَأْمُوما يسمع النَّاس تكبيره.
٥ قيل إِنَّه توفّي ﷺ فِي أول يَوْم من ربيع الأول وَقيل فِي الْيَوْم الثَّانِي مِنْهُ، وَقيل بل فِي الثَّانِي عشر، وَهُوَ الْأَرْجَح.

1 / 271