186

Durar

الدرر في اختصار المغازي والسير

Baare

الدكتور شوقي ضيف

Daabacaha

دار المعارف

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٣ هـ

Goobta Daabacaadda

القاهرة

ثمَّ جرت الرُّسُل والسفراء بَين رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَبَين كفار قُرَيْش، وَطَالَ التراجع والتنازع إِلَى أَن جَاءَهُ سُهَيْل بْن عَمْرو العامري، فقاضاه١ على أَن ينْصَرف ﵇ عَامه ذَلِك، فَإِذا كَانَ من قَابل أَتَى مُعْتَمِرًا وَدخل هُوَ وَأَصْحَابه مَكَّة بِلَا سلَاح حاشا السيوف فِي قربهَا فيقيم بهَا ثَلَاثًا وَيخرج. وعَلى أَن يكون بَينه وَبينهمْ صلح عشرَة أَعْوَام يتداخل فِيهَا النَّاس ويأمن بَعضهم بَعْضًا، على أَن من جَاءَ من الْمُسلمين إِلَى الْكفَّار مُرْتَدا لم يردوه إِلَى الْمُسلمين. فَعظم ذَلِك على الْمُسلمين حَتَّى كَانَ لبَعْضهِم فِيهِ كَلَام. وَكَانَ رَسُول اللَّهِ، ﷺ، أعلم بِمَا علمه اللَّه من أَنه سَيجْعَلُ للْمُسلمين فرجا، فَقَالَ لأَصْحَابه: "اصْبِرُوا فَإِن اللَّه يَجْعَل هَذَا الصُّلْح سَببا إِلَى ظُهُور دينه" فأنس النَّاس إِلَى قَوْله بعد نفار مِنْهُم. وَأَبَى سُهَيْل بْن عَمْرو أَن يُكْتَبَ فِي صدر صحيفَة الصُّلْح من مُحَمَّد رَسُول الله. قَالَ لَهُ: لَو صدقناك بذلك مَا دفعناك عَمَّا تُرِيدُ، وَلَا بُد أَن يُكْتَبَ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ٢ فَقَالَ لعَلي -وَكَانَ كَاتب صحيفَة الصُّلْح-: "امح يَا عَليّ، واكتب بِاسْمِك اللَّهُمَّ". وأبى عَليّ أَن يمحو بِيَدِهِ "رَسُول٣ اللَّه" فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اعرضه عَليّ" فَأَشَارَ إِلَيْهِ٤، فمحاه ﷺ بِيَدِهِ، وَأمره أَن يكْتب: من مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ. وأتى أَبُو جندل بْن سُهَيْل٥ يَوْمئِذٍ بأثر كتاب الصُّلْح، وَهُوَ يرسف فِي قيوده، فَرده ﷺ على أَبِيه، فَعظم ذَلِك على الْمُسلمين، فَأخْبرهُم ﷺ وَأخْبر أَبَا جندل أَن اللَّه سَيجْعَلُ لَهُ فرجا ومخرجا. وَكَانَ رَسُول اللَّه ﷺ قَدْ بعث عُثْمَان بْن عَفَّان إِلَى مَكَّة رَسُولا٦، فجَاء خبر إِلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأَن أهل مَكَّة قَتَلُوهُ، فَدَعَا رَسُول اللَّه ﷺ

١ قاضاه هُنَا: صَالحه. ٢ كَأَن قد أمْلى الرَّسُول: "بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله". وواضح أَنه أَبى الْبَسْمَلَة وَوصف مُحَمَّد بِأَنَّهُ رَسُول الله. ٣ فِي الأَصْل: مُحَمَّد رَسُول الله. ٤ فَأَشَارَ إِلَيْهِ: أَي إِلَى مَكَان رَسُول الله فِي الصَّحِيفَة. ٥ أَي سُهَيْل بن عَمْرو، وَكَانَ أَبُو جندل قد آمن بِاللَّه وَرَسُوله، وَيُقَال أَنه رَجَعَ مَكَّة فِي جوَار مكرز بن حَفْص. ٦ أَي قبل عقد هَذَا الصُّلْح.

1 / 193