16

Durar Suluk

درر السلوك في سياسة الملوك

Baare

فؤاد عبد المنعم أحمد

Daabacaha

دار الوطن

Goobta Daabacaadda

الرياض

وَبعد همته فَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ مِنْهَا طَارِئ بَان فَضله على سواهُ بِالصبرِ والمسكة عِنْد جزعهم وَالْوَقار والأناة عِنْد استفزازهم فَيكون بصبره ممتثلا لأمر الله ﷿ فِيمَا أَتَاهُ راجيا للظفر فِيمَا يَقْصِدهُ ويتوخاه وَقد قَالَت الْحُكَمَاء بِالصبرِ على مواقع الكره تدْرك الحظوة وَقد قَالَ الشَّاعِر (إِذا الْمَرْء لم يَأْخُذ من الصَّبْر حَظه ... تقطع من أَسبَابه كل مبرم) وليعلم أَن الصَّبْر قد يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام وَهُوَ فِي كل قسم مِنْهَا مَحْمُود فَأول أقسامه الصَّبْر على مَا فَاتَ إِدْرَاكه من نيل الرغائب أَو نقضت أوقاته من نزُول المصائب وبالصبر فِي هَذَا تستفاد رَاحَة الْقلب وهدوء الْحَواس وفقد الصَّبْر فِيهِ مَنْسُوب إِلَى شدَّة الأسى وإفراط الْحزن فَإِن صَبر طَائِعا وَإِلَّا احْتمل كَارِهًا هما لَازِما وَصَارَ إِثْمًا لعمله راغما وَثَانِي أقسامه الصَّبْر على مَا نزل من مَكْرُوه أَو حل من أَمر مخوف وَالصَّبْر فِي هَذَا يفتح وُجُوه الآراء ويتوقى مكايد الْأَعْدَاء وَفِي مثله قَالَ الله ﷾ ﴿واصبر على مَا أَصَابَك إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور﴾ وَقَالَت الْحُكَمَاء مِفْتَاح عَزِيمَة الصَّبْر يعالج مغاليق

1 / 69