برهَان الدّين بن زين الدّين ابْن القَاضِي بدر الدّين ولد فِي نصف ربيع الآخر سنة ٢٥ وأحضر على جده وَسمع على أَبِيه وَعَمه وَطلب بِنَفسِهِ وَسمع من شُيُوخ مصر كيحيى ابْن الْمصْرِيّ ويوسف الدلاصي وَأبي نعيم بن الأسعردي والميدومي وطبقتهم ورحل إِلَى الشَّام فلازم الْمزي والذهبي وَأكْثر عَنْهُمَا وَحصل الْأَجْزَاء وَطَاف على الشُّيُوخ وَلم يتمهر فِي الْفَنّ ثمَّ انْقَطع بِبَيْت الْمُقَدّس على الخطابة وَكَانَ أَبوهُ قد وَليهَا وَمَات ثمَّ صَارَت لوَلَده ثمَّ أضيف إِلَيْهِ التدريس بعد وَفَاة العلاتي ثمَّ خطب إِلَى الْقَضَاء بالديار المصرية فباشر بنزاهة وعفة ومهابة وَحُرْمَة وَكَانَ بلغه أَن بعض فُقَهَاء الْبَلَد غض مِنْهُ بِأَنَّهُ قَلِيل الْعلم وَلَا سِيمَا بِالنِّسْبَةِ للَّذي عزل بِهِ وَهُوَ أَبُو الْبَقَاء فأحضر بعض من قَالَ ذَلِك وَنكل بِهِ ثمَّ أوقع بآخر ثمَّ بآخر فهابه النَّاس ثمَّ إِن محب الدّين نَاظر الْجَيْش عَارضه فِي قَضِيَّة فعزل نَفسه فَبلغ الْأَشْرَف فَأرْسل يترضاه فصمم فألح عَلَيْهِ حَتَّى قيل لَهُ إِن لم تجب نزل إِلَيْك السُّلْطَان فَأجَاب وَركب صُحْبَة بعض الْأُمَرَاء بتخفيفة وملوطة إِشَارَة إِلَى أَنه ترك زِيّ الْقُضَاة فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ أقبل إِلَيْهِ وترضاه فَامْتنعَ فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى أجَاب وخلع عَلَيْهِ وَنزل مَعَه أَكثر الْأُمَرَاء وَكَانَ يَوْمًا مشهودًا وَكَانَ أُعِيد على هَيْئَة أجمل من الأول وَأكْثر حُرْمَة وعزل نَفسه فِي أثْنَاء ولَايَته غير مرّة ثمَّ يسْأَل ويعاد وَكَانَ محببا إِلَى النَّاس وَإِلَيْهِ انْتَهَت رئاسة الْعلمَاء فِي زَمَانه فَلم يكن أحد يدانيه فِي سَعَة الصَّدْر وَكَثْرَة الْبَذْل وَقيام الْحُرْمَة والصدع بِالْحَقِّ وقمع أهل الْفساد مَعَ الْمُشَاركَة الجيدة فِي الْعُلُوم واقتنى من الْكتب النفيسة بخطوط مصنفيها وَغَيرهم مَا لم يتهيأ
1 / 41