Durar al-Hukkam fi Sharh Majallat al-Ahkam

Ali Haidar d. 1353 AH
6

Durar al-Hukkam fi Sharh Majallat al-Ahkam

درر الحكام في شرح مجلة الأحكام

Daabacaha

دار الجيل

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١١هـ - ١٩٩١م

Noocyada

نَقْلُ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَهُنَا بَقِيَتْ ذِمَّةُ الْمَدِينِ مَشْغُولَةً، وَاَلَّذِي جَرَى إنَّمَا هُوَ ضَمُّ ذِمَّةٍ أُخْرَى فَأَصْبَحَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ وَالْمَدِينُ أَصِيلًا. مِثَالٌ سَادِسٌ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً أَوْ عَشْرَ لِيرَاتٍ، وَقَالَ لَهُ: قَدْ أَعَرْتُك إيَّاهَا فَيَكُونُ قَدْ أَقْرَضَهَا لَهُ، وَيُصْبِحُ لِلْمُسْتَعِيرِ حَقُّ التَّصَرُّفِ بِالْمَالِ أَوْ الْحِنْطَةِ الْمُعَارَةِ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ التَّصَرُّفُ بِعَيْنِ الْمَالِ الْمُعَارِ، بَلْ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِدُونِ اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَيَاتٌ وَهِيَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ شَيْئًا لِآخَرَ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ بِقَوْلِهِ قَدْ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِدُونِ ثَمَنٍ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَقْدُ هِبَةً كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ شَخْصٌ آخَرَ فَرَسًا بِدُونِ أُجْرَةٍ تُصْبِحُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَلَا تَكُونُ عَارِيَّةً؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفِيدُ بَيْعَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، وَالْعَارِيَّةُ تُفِيدُ عَدَمَ الْعِوَضِ وَبِمَا أَنَّ بَيْنَ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ تَضَادًّا فَلَا يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ لَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي الْإِعَارَةِ. [(الْمَادَّةُ ٤) الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ] (الْمَادَّةُ ٤): الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ نَعَمْ لِأَنَّ الْيَقِينَ الْقَوِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّكِّ فَلَا يَرْتَفِعُ الْيَقِينُ الْقَوِيُّ بِالشَّكِّ الضَّعِيفِ، أَمَّا الْيَقِينُ فَإِنَّمَا يَزُولُ بِالْيَقِينِ الْآخَرِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ (مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ وَمَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ) . الشَّكُّ: لُغَةً مَعْنَاهُ التَّرَدُّدُ، وَاصْطِلَاحًا تَرَدُّدُ الْفِعْلِ بَيْنَ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ أَيْ لَا يُوجَدُ مُرَجِّحٌ لِأَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ التَّرْجِيحُ مُمْكِنًا لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَالْقَلْبُ غَيْرُ مُطْمَئِنٍّ لِلْجِهَةِ الرَّاجِحَةِ أَيْضًا فَتَكُونُ الْجِهَةُ الرَّاجِحَةُ فِي دَرَجَةِ (الظَّنِّ) وَالْجِهَةُ الْمَرْجُوحَةُ فِي دَرَجَةِ الْوَهْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَلْبُ يُطَمْئِنُ لِلْجِهَةِ الرَّاجِحَةِ فَتَكُونُ (ظَنًّا غَالِبًا) وَالظَّنُّ الْغَالِبُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ. (الْيَقِينُ): لُغَةً قَرَارُ الشَّيْءِ يُقَالُ (يَقِنَ الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ) بِمَعْنَى اسْتَقَرَّ، وَاصْطِلَاحًا (هُوَ حُصُولُ الْجَزْمِ أَوْ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِوُقُوعِ الشَّيْءِ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ) وَقَدْ عَرَّفَهُ الْبَعْضُ (هُوَ عِلْمُ الشَّيْءِ الْمُسْتَتِرِ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ الشَّكُّ فِي شَيْءٍ عِنْدَ وُجُودِ الْيَقِينِ وَلَا الْيَقِينُ حَيْثُ يُوجَدُ الشَّكُّ. إذْ أَنَّهُمَا نَقِيضَانِ وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، فَعَلَى هَذَا قَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى وَضْعِ هَذِهِ الْمَادَّةِ إذْ لَا مُوجِبَ لِوَضْعِهَا. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْقَصْدَ هُنَا بِالشَّكِّ إنَّمَا هُوَ (الشَّكُّ الطَّارِئُ) بَعْدَ حُصُولِ الْيَقِينِ فِي الْأَمْرِ فَلَا مَحَلَّ لِلِاعْتِرَاضِ بَتَاتًا. هَذَا وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْيَقِينَ السَّابِقَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ الطَّارِئِ وَأَنَّهُ لَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ.

1 / 22