Ilmooyinka Bilyatsho
دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة
Noocyada
انتبه محمود على هتاف سمير بصوت ضاحك: كل شيء تمام يا دكتور! تفضل معنا، وكان صادق قد دخل من باب الحديقة ووقف بعيدا دون أن يحس بدخوله، وعندما نهضت أنيسة من كرسيها وخفت لاستقباله، سمعه يقول لها بصوت ضاحك: طمئنيني على المؤرخ العظيم، هل دخل المستقبل من أوسع أبوابه؟
ردت عليه أنيسة بصوت مرتفع كأنما لتسمع زوجها لذي لم يغب عنها غيابه المعتاد: وسيوقع حالا على المشروع.
عاد صادق يلوح بذراعه ويقول: سأمر على نورة وأرجع لكم، مبروك، مبروك. رفت عينا محمود وارتعش جفناه عندما نهض سمير واقترب منه وهو يستأذنه في كلمة سر، انتحى به ركنا إلى اليمين بالقرب من السور وأسر في أذنه: أنا جئت يا عمي إليك باسم العائلة كلها، الحالة كما تعلم، الجميع مخنوقون، وعشمنا كبير في الله وفيك وفي خالتي أنيسة.
استفسر محمود الذي بان عليه الإرهاق والضنى: ماذا تقصد يا سمير؟
قال سمير: لا وقت للتفاصيل، سوف نلتقي على انفراد لأشرح لك البقية. سأل محمود نفسه وهل هناك بقية؟ وعاد يستفسر: طمئني عليهم، كنت أنوي الليلة أن أمر على أولاد عمتك خديجة الله يرحمها.
قال سمير باختصار وهو يزم شفتيه: أحوالهم بؤس بعد زواج أبيهم، زوجته لا تطيقهم، وأبوهم كما تعرف رجل كئيب، ولكنني فاتح عيني ولا ينقصهم شيء. رجع محمود يسأل: وأولاد عمتك فاطمة؟
قال سمير وكأنه يسحب ستارا كثيفا على منظر غير مريح: رجعوا للخناق بعد الليلة التي قضيناها معهم، عطية مصمم على ما في دماغه ويدعي أن البيت من حقه وبناه من عرقه، وكأن المرحوم أباه لم يفعل شيئا، وسعيد يهدد بقتله بالرصاص إن حاول إخراجه بالقوة من بيت أبيه، والأرض التي تنازلت عنها لهم ولنا غارقة في الديون والخلافات. قال محمود: كل هذا خطر على بالي؛ لهذا قررت الرجوع بعد تسوية حالتي ... أردت أن ... قاطعه سمير وهو يشد على يده: تجمع شمل العائلة، مفهوم مفهوم، لم تعش لنفسك أبدا يا عمي، لكن أين هي العائلة؟! المهم، أرجوك أن تبارك المشروع، إنه المن والسلوى الذي هبط علينا من السماء.
قال محمود وهو يشعر أنه حوصر تماما: وأنا؟ ألم يفكر أحد في؟ شهق سمير : حاشا لله! لقد خصصنا لك جناحا في الفندق كما قلت الآن، وسيكون هناك بدل الحديقة حدائق، وحتى إذا لم توافق فالتعويض كما قلت مجز وثمن الأرض بالشيء الفلاني. تساءل محمود قبل السقوط بقليل: هل قلت هذا؟
ضحك سمير وهو يضع يده على كتفه: يا ترى كنت فين يا عمي وأنا أشرح كل شيء؟ في طيبة أو روما أو الأندلس؟! أرجوك أن توقع ليمشي المحامي في الإجراءات.
فرد خارطة المشروع أمامه وحدد له الموضع الذي سيوقع فيه. وارتعشت يد محمود وهي تمسك بالقلم الأزرق اللامع الذي قدمه له ابن أخيه، فكتب اسمه على عجل وأعطاه له كأنه يسلمه مفتاح غرناطة، وعندما انتهى من التوقيع تذكر شيئا فهتف: والعقد الذي عندي؟!
Bog aan la aqoon