Dr. Ragheb El-Sergany's Lessons
دروس الدكتور راغب السرجاني
Noocyada
الجدية في القراءة
الوسيلة الخامسة: الجدية.
القراءة ليست هواية، إنما هي عمل جاد يحتاج إلى مجهود وفكر، ووقت، ومال، وتضحية، فلا بد أن تأخذ الموضوع بجدية؛ أنت تقرأ لكي تستوعب كل كلمة تقرؤها، ولكي تستفيد وتفيد، فأنت تعمل عملًا كبيرًا جدًا عندما تقرأ، فليس لك من القراءة إلا ما عقلت؛ لذلك لا بد أن تفهم ما تقرأ، اقرأ أي كتابٍ وكأنك تذاكره، وليس مجرد قراءة، وليكن معك كشكولًا أو أوراقًا لتسجيل ملاحظاتك، فقد تجد معلومة تريد أن تخبر بها إخوانك وأصحابك، أو مسألة لم تفهمها فاكتبها لكي تسأل متخصصًا أو عالمًا، أو هنا لك عناصر مهمة جدًا في الموضوع، أو إضافة قرأتها في مكان آخر، أو اعتراض على نقطة معينة وهكذا، وستجد أن معك كشكولًا في غاية الأهمية وستركز جدًا في كل كلمة تقرؤها، فلو أخذت الموضوع بجد ستجد إمكانياتك أكثر بكثير مما تتخيله، وتحصيلك أضعاف أضعاف ما تعتقد، والمتتبع لقصص الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين يعرف المعنى الحقيقي للجدية التي أقصدها.
فمثلًا: زيد بن ثابت كان متقدمًا على الصحابة لقراءته، وكذلك عبد الله بن عباس ﵁ وأرضاه، والشافعي أو أحمد بن حنبل أو الخوارزمي أو جابر بن حيان أو أبو بكر الرازي ﵏ جميعًا، فإن كل واحد من هؤلاء قد تعب في مجاله، وأخذ الموضوع بمنتهى الجدية؛ حتى إلى المستوى الذي وصل إليه في المجال الذي هو متخصص فيه، إن إمكانيات البشر فوق تخيّل البشر بكثير جدًا، وسبحان الذي خلق فسوّى.
5 / 15