165

Dr. Ragheb El-Sergany's Lessons

دروس الدكتور راغب السرجاني

Noocyada

غزو التتار لبلاد خوارزم شاه وتدميرهم لمعظم المدن استغل جنكيز خان قتل التتريين في مدينة أوترار، فجهز جيوشه، وبدأ بغزو بلاد خوارزم التي تعتبر الحدود الشرقية للدولة الإسلامية المترامية الأطراف، فقاموا بحرب إبادة قذرة تمامًا، فقد نزلوا في بخارى بلد الإمام البخاري ﵀ سنة (٦١٧هـ) ودمروها تدميرًا كاملًا، وقتلوا معظم سكان بخارى، ونزلوا في سمرقند بعدها بشهور ودمروها بكاملها، ثم نزلوا نيسابور ودمروها تدميرًا كاملًا. ثم نزلوا في أورجندة وكان فيها محمد بن خوارزم زعيم البلاد، فحاصروا أورجندة حتى اضطروه إلى الهروب منها، ودخلوا إلى البلد واستباحوا أهلها، وقتلوا كل من فيها، وهرب محمد بن خوارزم إلى جزيرة بحر قزوين حيث مات فيها هناك وحيدًا. ثم تولى الأمر من بعده جلال الدين بن خوارزم شاه، وأخذ يجمع الجيوش حتى يحارب التتار، لكن دخل التتار أفغانستان، ودخلوا مدينة تسمى بميان، وقتلوا أهلها جميعًا، ولم يبقوا فيها إلا على أربعمائة فقط من الصناع المهرة، فحاول جلال الدين تنظيم الصفوف من جديد، واشتبك في بعض المواقع مع التتار، وانتصر عليهم في موقعة في كابول، ولكن ما لبث أن حلت به الهزيمة، وفر جلال الدين إلى الهند وهزم جيشه، وقبض جنكيز خان على عائلته بأكملها، وذبح كل أطفاله. وفي سنة (٦١٩هـ) دخلت القوات التترية إلى مدينة هرات الأفغانية، وذبحوا مئات الألوف من أهلها، ثم دخلوا إيران ودمروا مدينة قم، وقتلوا معظم أهلها، ثم احتلوا مدينة الري التي تقع بالقرب من طهران، ووقف التتار عند مدينة الري بالقرب من طهران. إذًا: اجتاحوا كل هذه البلاد في فترات وجيزة جدًا لا تتعدى الأربع أو الخمس سنوات. والغريب في الأمر أن الناصر لدين الله خليفة المسلمين في ذلك الوقت كان يتعاون مع التتار لضرب جلال الدين بن خوارزم؛ وذلك لأنه كان يعارض الخليفة العباسي في بغداد، فقد كانت الحرب طويلة بين العراق وإيران، أو قل: بين الخلافة العباسية والدولة الخوارزمية التي تسيطر على فارس وباكستان وأفغانستان وأوزبكستان وأذربيجان وما حولها، ولم يكن يدري حاكم الخلافة الإسلامية في ذلك الوقت أن الدائرة ستدور عليه في يوم من الأيام، وعلى أيدي نفس الطواغيت الذين تعاون معهم، لكن هذا ما حدث فعلًا في ذلك الوقت.

7 / 5