Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Noocyada
أهمية دراسة العقيدة
كثير من الناس يقول: ما فائدة دراسة العقيدة؟ ما فائدة دراسة الإيمان؟! هل نحن في حاجة إليه؟! نحن -والحمد لله- مؤمنون!
الجواب
نعم.
نحن في حاجة إلى دراسة العقيدة والواقع يشهد بذلك، فكثير من الناس عقائدهم لا تصلح مطلقًا أن تكون عقيدة للمسلمين، وما ذلك عنكم ببعيد، فالذي دار في أفغانستان وغيرها يوضح ذلك، كانت هناك كتائب كثيرة منهم من هو صحيح العقيدة ومنهم من هو فاسد العقيدة، ولو كانوا كلهم على قلب رجل واحد وعلى عقيدة واحدة سليمة لما حصل ما حصل بعد أن كتب الله تعالى لهم النصر على أعدائهم من الروس وغيرهم، ولكن لما كان الاختلاف في العقائد تناحروا على السلطة، ولو أن المرء صحح عقيدته لما طلب السلطة مطلقًا، بل هرب منها وولى عنها مدبرًا، وهذا قد حدث مع كثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، كان الواحد منهم يجبر ويجلد ليتولى الإمارة فيهرب منها، هذا عبد الله بن عمر لما مات أبوه عرضوا عليه الإمارة فقال: يكفي واحد من آل الخطاب، وهذا عبد الرحمن بن عوف تنازل عن الإمارة وقد كان مرشحًا لها، فذهب وبايع عمر بن الخطاب.
وغير ذلك من الأمثلة كثير، حتى قيل: إن بعض المحدثين في عصر التابعين ومن بعدهم كان يؤتى به ليقال له: تول القضاء في الكوفة، أو تول القضاء في العراق، أو تول القضاء في مصر، فيقول: ها ها، ويعد نفسه مجنونًا! فيقولون: هذا لا يصلح للقضاء إنما هو مجنون أبله، فإذا عين القاضي رجع إلى عقله مرة ثانية، وما ذلك إلا هروبًا من هذه المواطن التي يكاد يهلك فيها الإنسان وهو لا يدري.
إذًا: الأزمة ليست أزمة عدد ولا عدة ولا قتال ولا غير ذلك، إنما الأزمة أزمة العقيدة، فانظر لنفسك وأنت صحيح سليم العقيدة وصادق الإيمان مع المولى ﷿، وانظر إلى رجل آخر إباضي أو شيعي أو صوفي أو خارجي، هل يستقيم الأمر؟ إذا أردنا جني الثمار فلا يمكن أبدًا أن تتفقا، يعني: فلو أنك وخارجيًا، أو لو أنك شيعيًا اتفقتما على قتال عدو واحد لا شك أن الأمر سيستقيم طيلة فترة القتال، ولكن إذا انهزم ذلك العدو أو قُتِل اختلفتما في الثمار والنتائج والغنائم، فمادام الاختلاف في العقيدة فلا يمكن الاتفاق، وهذا أمر معلوم ومشاهد لا ينازع فيه أحد، كيف ينازع فيه أحد وهو موجود نعرفه ونسمعه كل يوم وليلة؟! فدراسة العقيدة من المسائل المهمة جدًا.
هل هناك وقت لدراسة العقيدة والإيمان؟ هل هناك وقت لنجدد فيه إيماننا؟ الجواب: نعم هناك وقت، ثم السائل لهذا السؤال نقول له: هل كان هناك من سأل ذلك منذ عام؟ الجواب: نعم.
هناك من سأله منذ عام ومنذ عشرات الأعوام، ودعاة التوحيد يدعون في كل زمان ومكان، بحسن الظن بالله وحسن الاعتقاد فيه، وفي كل زمان ومكان يدعون أهل الفساد والضلال وأهل العقائد المنحرفة.
فإن قيل: هل هناك وقت لتصحيح الإيمان؟ فلو أننا نجتمع أولًا ونواجه العدو ثم بعد ذلك نصلح عقيدتنا؟ الجواب: أبدًا هذا لا يصلح مطلقًا، لا بد من العقيدة أولًا، ولا بد من تصحيح الإيمان وتوثيق وتمتين الصلة بالمولى ﷾ وحسن الاعتماد والتوكل عليه، وبغير ذلك لا فائدة في الاتحاد مطلقًا، إذ إن العدو في غاية الضعف والخور، وأما نحن -وبفضل الله تعالى- فقد من الله تعالى علينا بسلامة العقيدة وحسن الإيمان، فالواحد منا يسوق العشرات بل المئات بل الألوف من الأعداء أمامه.
نضرب مثالًا: اليهود في اتفاق غزة وأريحا قالوا: نترك غزة وأريحا للفلسطينيين، وما كان ذلك من أجل سواد عيون الفلسطينيين ولا من أجل سواد عيون المسلمين؛ وإنما لأنهم ذاقوا مرارة الثورات والحركات عليهم، فهم لا يستطيعون أبدًا مواجهة المسلمين في غزة وأريحا، فتركوها حتى ينجوا بأبدانهم منها، تركوها خوفًا من أبنائها وأهلها، والمولى ﷿ يقول: ﴿لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ﴾ [الحشر:١٤] لكن وجهًا لوجه لا يقدرون على ذلك، ولا يستطيعونه.
ومن إيماننا وعقيدتنا أنهم لا يقوون علينا أبدًا ولا يستطيعون المواجهة، فالمطلوب منا تصحيح العقيدة والإيمان؛ لأنني لو كانت عقيدتي فاسدة لكنت مثله، ولذلك كل واحد منا يراجع إيمانه، حتى إذا ذكر أمامك العدو تمنيت لو أنك تمكنت من رقبته فضربتها بسيفك وعلقتها على رمحك، وطفت بها البلدان؛ حتى ترد إلى المسلمين كرامتهم وعزتهم.
وقد نعى الله تعالى على الذين يكذبون بالدين، والذين يكذبون بالدين إما كفار أو منافقون أو فاسدو العقيدة، قال المولى ﷿: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الماعون:١ - ٣]، نعى عليه هذا الفساد وهذا الخراب في العقيدة، وقد يقول قائل: إذا خلا قلب المسلم من الإيمان هل يبقى بعد ذلك إسلام؟ نقول: إن هناك خيرًا كبيرًا -لا شك- في الإسلام، ولكن الإيمان والإسلام إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمع
3 / 7