Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Noocyada
امتناع الشفاعة في الحدود دون التعزيرات
الفارق الثالث بين الحد والتعزير: أن الحد لا تجوز فيه الشفاعة، ولا يجوز لأحد أن يسقطه بعد ثبوته.
والمرأة المخزومية لما سرقت قالوا: لا نقيم عليها الحد؛ لأنها من أشراف الناس، فقالوا: بعد وصول الخبر إلى النبي ﵊: لا بد من أحد يشفع لهذه المرأة عند النبي ﵊، فقالوا: لا أحد إلا حِبه أسامة بن زيد ﵄، وكان النبي ﵇ يحبه جدًا، وهو مولاه، فقالوا: إنه لا يقبل إلا من أسامة، فأرسلوا أسامة إلى النبي ﵊ ليشفع في رفع الحد عن تلك المرأة المخزومية، فعاتب ﵇ أسامة بن زيد، وقال: (يا أسامة! أتشفع في حد من حدود الله؟! وظل يرددها وأسامة ينكس رأسه تجاه الأرض، فقال: إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإذا سرق فيهم الشريف لم يقيموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، يعني: لو أن أحدًا من أهل بيت النبوة استوجب عقوبة محددة قررها الشرع لفعلتها.
فليست هناك شفاعة في الحدود إذا بلغت السلطان، أما قبل ثبوت الحد فيجوز فيه الشفاعة؛ لقول النبي ﵊: (تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب).
يعني: فقد وجبت إقامته، أما إذا كان الحد قد بلغ السلطان فلا بد من إقامته، وإذا لم يبلغ السلطان فالناس فيما بينهم أحرار في أن يتنازلوا عن حقوقهم.
أما التعزير فتجوز فيه الشفاعة، ويجوز للحاكم أن يسقطه بالكلية إذا رأى أن في ذلك مصلحة لا تضر بحق آدمي، فإن كان ذلك له تعلق بحق الآدمي فلا يجوز إلا بإذنه.
وقال النبي ﵊: (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء).
وتسن الشفاعة لتخفيف التعزير، أو بإسقاطه بما لا يضر بحق الغير، فإذا علم صدق توبة المسلم وتمزق قلبه على ما بدر منه فلا يجوز تعزيره مخافة فتنته.
2 / 12