Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal

Hassan Abu Al-Ashbal Al-Zuhairi d. Unknown
124

Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal

دروس الشيخ حسن أبو الأشبال

Noocyada

معنى قوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ثم قال: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا﴾ [البقرة:٢٨٦] أي: لا تحاسبنا، ﴿إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:٢٨٦] ربما تقع من المرء المعصية على سبيل الخطأ أو النسيان، يفعل فعلًا يظن أنه طاعة فإذا به معصية، فمثلًا: رجل جاهل يترنح في ذكر الله ويتمايل على اليمين وعلى اليسار، ظنًا منه أن هذه عبادة لله، فهو يتقرب بها إلى الله؛ فهي باطلة، ولكن الله لا يحاسبه عليها، إنما يحاسب من علم وأقيمت عليه الحجة أن هذا شر، وأن هذا فساد، وأن هذا ابتداع في دين الله، أما رجل جاهل لا يعرف شيئًا أتى من القرية فدخل مسجد الحسين أو البدوي أو غيرهما فوجد المشايخ والعلماء والدراويش يترنحون يمينًا ويسارًا، فقال: ليس معقولًا أن هؤلاء العلماء كلهم على باطل، هذا هو الحق الذي ليس بعده حق، فأراد أن يشارك في هذا الحق بزعمه، فهو ليس آثمًا بمعنى أن الله لا يحاسبه ولا يعذبه، وإنما يخبره أن هذا كان عملًا باطلًا، ولذلك لا أجر له عليه، أما أهل العلم الذين جعلوا الباطل حقًا، والحق باطلًا للخلق فإن الله ﵎ يبطل عملهم، ويحاسبهم، ويعذبهم؛ لأنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فهنا بيان أن الله ﷿ وإن أطلع العباد على أعمالهم إلا أنه يعفو عن العمل الذي وقع على سبيل الخطأ والنسيان، ولذلك فقد جاء عند ابن ماجه من حديث ابن عباس ﵄ قال: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) وعند ابن أبي حاتم من حديث أم الدرداء ﵂ قالت: قال النبي ﷺ: (إن الله عفا عن أمتي الخطأ، والنسيان، والاستكراه). أضرب مثالًا آخر للتوضيح: لو أن مصليًا صلى الظهر ثلاثًا وانصرف من صلاته ظنًا منه أنه صلى أربعًا ولم يذكر بعد ذلك أنه صلى ثلاثًا صحت صلاته وأجزأت عنه، وإن كان هذا العمل ناقصًا، وإن كان هذا النقصان مصدره النسيان، ولو أن رجلًا دخل في صلاة الظهر فقام إلى لخامسة متعمدًا بطلت الصلاة كلها؛ لأنه تعمد الزيادة على أمر الله ورسوله، فبطلت العبادة من أصلها؛ لأن دين الله ﷿ توقيفي، أي: أنك لا تزيد عليه ولا تنقص منه متعمدًا، فإذا زدت فيه أو نقصت منه ناسيًا أو مخطئًا فلا حرج عليك، وقد جعل الله ﷿ كفارات للخطأ والنسيان لا عقوبات، فإن قمت من الثانية إلى الثالثة مباشرة دون أن تأتي بتشهد أوسط فقد شرع الشارع أن تسجد سجدتي السهو، ولم يسقط صلاتك كلها؛ لأن هذا على سبيل النسيان، أما من قام إلى الثالثة متعمدًا فقد بطلت صلاته مع أن التشهد الأول سنة، لكنه تركه متعمدًا. ولو أن رجلًا يملك عليك الإكراه، وأنت توقن أن هذا الرجل يوقع عليك الجزاء الذي يهددك به، فطلب منك أن تطلق امرأتك فقلت: امرأتي طالق، فهذا الطلاق لا يقع، لأنه استكراه، فهذه الآية تدلنا على أحكام مهمة جدًا من أحكام الأعمال إذا وقعت على سبيل الخطأ أو النسيان، أو الاستكراه، فإن العمل إذا وقع على أحد هذه الأوجه الثلاثة، أو مجتمعة، فإن الله ﵎ لا يحاسب ولا يؤاخذ عليه.

8 / 13