Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Noocyada
تفسير قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها)
فقول الله ﷿: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة:٢٨٦]، والوسع: هو الطاقة، والله ﷿ لا يكلف عبدًا من عباده بما لا يطاق، فمنذ نزول هذه الآية لابد وأن تعتقد أن الله ﵎ لا يمكن أن يكلف عبدًا من عباده عملًا أو قولًا ليس في طاقته، ولذلك فإن هذه الآية ناسخة لقول الله ﷿: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ﴾ [البقرة:٢٨٤]، أي: مما يدور في نفس العبد مما يتعاظم أن ينطق به؛ لأنه متعلق بذات الله ﷿، كما قال النبي ﵊ لـ أبي هريرة: (إنك ستعيش حتى يأتيك أقوام يقولون لك: يا أبا هريرة من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ من خلق الجبال؟ من خلق المطر؟ فتقول: الله، فيقولون لك: هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ فقال أبو هريرة ﵁: فبينما أنا في المسجد إذ دخل علي قوم من الأعراب فقالوا: أين أبو هريرة؟ قلت: أنا، قالوا: يا أبا هريرة من خلق السماء؟ فقلت: الله، ثم قالوا: من خلق الأرض؟ من خلق الجبال؟ من خلق المطر؟ وعددوا خلقًا من خلق الله وفي كل يقول: الله، قالوا: يا أبا هريرة هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله، قال: فتناولت حفنًا من حصى فألقيته في وجوههم، وقلت: قوموا عني صدق خليلي ﷺ.
فالذي تحدثه نفسه بشيء في ذات الإله لابد وأن ينصرف عنه ويحسن الظن بربه أنه لن يحاسبه عليه، وما جاهد المرء نفسه في دفع هذا الوسواس وهذا الشيطان، فإن الله لن يحاسبه عليه؛ لأن الله ﵎ وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد، فوعد الله بخلاف وعيده، فإذا وعد الله بشيء فإنه لابد من الوفاء بهذا الوعد، وإذا أوعدك وهددك بشيء فإن هذا الوعيد وهذا التهديد إن شاء الله ﷿ أنفذه وإن شاء عفا عنه، وهذا من فضله ورحمته ﵎.
فقول الله ﷿: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة:٢٨٦] يدل على أن ما تحدثني به نفسي طالما لم أنطق به ولم أتكلم به إذا كان شرًا فإن الله لا يحاسبني عليه، وهذه الآية ناسخة للآية الأولى، وهذا تقرير من أول الآيات.
8 / 11