181

Doctrine of Monotheism in the Holy Quran

عقيدة التوحيد في القرآن الكريم

Daabacaha

مكتبة دار الزمان

Lambarka Daabacaadda

الأولى ١٤٠٥هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٨٥م

Noocyada

ولكن قومه لم يزيدوا مع هذا البيان إلا عنادًا وتكبرًا وتمسكًا بأصنامهم، وأحضره الملك النمرود حاكم بابل وجادله زاعمًا أنه إلهه١، ولكن إبراهيم ﵇ غلبه بالحجة الواضحة: ﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ٢، هكذا بهت الذي كفر لأن الإله الحق لا بد أن يكون متصرفًا في ملكه كما يشاء والكون بما فيه سائر وفق إرادته. وأراد إبراهيم ﵇ إقامة الحجة على قومه كلهم، فبينما هم مجتمعون في عيدهم بعيدًا عن بيت الأصنام ذهب إبراهيم يحمل الفأس فكسر الأصنام وأبقى الصنم الكبير، وهذا فيه وجهان للدلالة على ضعف هذه الآلهة: أولهما: أن هذه الأصنام إن كانت آلهة فلمَ لم تدافع عن نفسها عند تكسيرها؟ والإله الحق حي لا يموت وهذه قد اندثرت وصارت حطامًا. ثانيها: أنها إذ لم تدافع عن نفسها فلماذا لا تجيبكم عمن كسرها؟ فإن أجابتكم عمن كسرها فهي بحاجة إلى الحماية؛ ولذا فهي ليست آلهة لأن الإله الحق غني عن حماية غيره له. وإن لم تجبكم -وهذا هو الواقع- فهي صماء بكماء جماد لا حياة فيها فليست بآلهة، يوضح هذا قوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ، قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ، قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ، قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ، فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ، ثُمَّ

١ تفسير ابن كثير ١/٣١٣. ٢ سورة البقرة آية ٢٥٨.

1 / 196