من يجعل الله عليه ... إصبعا ... في الخير أو في الشر ... يلقاه معا (¬1)
الإصبع هاهنا هي النعمة والمنة لا غيرهما.
[هل الله محتجب عن عباده؟]:
ذكر أهل الجهل أن الله تعالى احتجب بحجب ساترة له. وكذبوا، ليس بين الله عز وجل وبين خلقه حجاب، ولو كان محتجبا بحجب لم يحجب بالحجب؛ لأن الحجب خلق من خلقه، والله عز وجل لا يحتجب عن خلقه بخلقه، ولا بشيء غيره. ولو جاز أن يحتجب بخلقه كان بما احتجب به مرتفقا (¬2) ، وإليه محتاجا. ومن وصف الله تعالى بهذا ألزمه الحاجة والفقر، وهذا الكفر بالله مع التحديد له؛ لأن من كان محجوبا كان محدودا.
وأما قوله تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورآء حجاب} (¬3) ، فعن علي في هذا: {وما كان لبشر} يقول: ما ينبغي لبشر، كما قال: {ما كان لله أن يتخذ من ولد} (¬4) يقول: ما ينبغي لله أن يتخذ ولدا. نظيره: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} (¬5) . فذكر أن الله حجب الكلام الذي سمعه موسى عن أهل السماء والأرض، فلم يسمع ذلك إلا موسى عليه السلام. وهذا أحسن ما قيل في هذا الباب، وهو قول علي.
Bogga 190