تقدم بطلان ما توهمه من اللوازم التي أحدثوها، ما أنزل الله بها من سلطان ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [النجم: ٢٣] .
وإذا تبين لك ما قدمناه، كان حكم الآية منطبقًا١ على هؤلاء المشركين، الذين يزعم هذا الملحد أنهم مسلمون.
وأيضًا فإن هذا الملحد، ومن نحا نحوه من المشركين، حيث أنكروا التقرب الحقيقي، فمرادهم أنه ليس فوق السموات رب، ولا على العرش إله، ولا يشار إليه بالأصابع إلى فوق إشارة حسية، كما أشار إليه أعلم الخلق به، ولا ينزل منه شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا تعرج الملائكة والروح إليه، ولا رفع المسيح إليه، ولا عرج برسول الله ﷺ إليه حقيقة، ولا يتقرب إليه بشيء، ولا يقرب منه أحد، لأنه يلزم على هذا عندهم أن يكون جسمًا، وقد علم بالاضطرار أن الله لا سمي له، ولا كفو له، ولا مثل له، فإنه أحد صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فلا ننفي عن الله ما أثبته لنفسه لتسمية الملاحدة أعداء الله ورسوله للموصوف بها جسمًا، وهؤلاء الضلال قد جمعوا بين الشرك في الإلهية، وبين تعطيل الرب عن صفات كماله، ونعوت جلاله، فكان المشركون
١ في ط الهند "منطبق".