363
والمقصود أنهم كما انقسموا إلى ثلاث فرق في هذا الأصل، انقسموا في فروعه –وهو القياس- إلى ثلاث فرق:
فرقة أنكرته بالكلية، وفرقة قالت به، وأنكرت الحكم والتعليل والمناسبات. والفرقتان أخلت النصوص عن تناولها لجميع أحكام المكلفين، وأنها أحالت على القياس، ثم قالت١ غلاتهم: أحالت عليه أكثر الأحكام. وقال متوسطوهم: بل أحالت عليه كثيرًا من الأحكام لا سبيل إلى إثباتها إلا به.
والصواب وراء ما عليه الفرق الثلاث، وهو أن النصوص محيطة بأحكام الحوادث، ولم يحلنا الله ولا رسوله على رأي ولا قياس، بل قد بين الأحكام كلها، والنصوص كافية وافية بها، والقياس الصحيح حق مطابق للنصوص، فهما دليلان: الكتاب، والميزان، وقد تخفى دلالة النص، ولا يبلغ العالم فيعدل إلى القياس، ثم قد يظهر موافقًا للنص فيكون قياسًا صحيحًا، وقد يظهر مخالفًا له فيكون فاسدًا، وفي نفس الأمر لا بد من موافقته أو مخالفته، ولكن عند المجتهد قد تخفى موافقته أو مخالفته ... إلى آخر كلامه ﵀.

١ "قالت" مثبتة من الأعلام ١/٣٣٧.

1 / 362