معنى عقليًا ينازعه فيه أكثر العقلاء من بني آدم، ولم ينقل عن أحد من السلف أنه وافقه عليه، وأنه جعل لفظ الجسم في اصطلاحه يدل على معنى لا يدل عليه اللفظ في اللغة، فقد غير معنى اللفظ في اللغة، وادعى معنى عقليًا فيه نزاع طويل، وليس معه من الشرع ما يوافق ما ادعاه من معنى اللفظ، ولا ما ادعاه من المعنى العقلي، فاللغة ما تدل على ما قال، والشرع لا يدل على ما قال، والعقل لم يدل على مسميات الألفاظ، وإنما يدل على المعنى المجرد وذلك فيه نزاع طويل، ونحن نعلم بالاضطرار إلى ذلك المعنى الذي وجب نفيه عن الله لا يحتاج نفيه إلى ما أحدثه هذا من دلالة اللفظ، ولا ما ادعاه من المعنى العقلي، بل الذي جعلوه عمدتهم في تنزيه الرب على نفي مسمى الجسم، لا يمكنهم أن ينزهوه عن شيء من النقائص البتة، فإنهم إذا قالوا هذا من صفات الأجسام، فكل ما يثبتونه هو أيضًا من صفات الأجسام، مثل كونه حيًا عليمًا قادرًا بل كونه موجودًا قائمًا بنفسه، فإنهم لا يعرفون هذا في الشاهد إلا جسمًا، فإذا قال المنازع: أنا أقول فيما نفيتموه نظير قولكم فيما أثبتموه انقطعوا، انتهى.
والمقصود أن الأجسام المحدثة المخلوقة ليست مركبة لا من المادة والصورة، ولا من الجواهر المنفردة، فلو كان فوق العرش جسم مخلوق ومحدث لم يلزم أن