بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على جلائل نعمه وفواضل آلائه وقسمه والرغبة إليه فيما يزلف لديه ويمهد المنزلة عنده ويوجب الحظوة قبله والصلاة على خير بريته محمد وعترته. قال الشيخ أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل رحمه الله تعالى: جمعت في هذا الكتاب أبلغ ما جاء في كل فن وأبدع ما روى في كل نوع من أعلام المعاني وأعيانها إلى عواديها وشذاذها، وتخيرت من ذلك ما كان جيد النظم محكم الرصف غير مهلهل رخو ولا متجعد فج، وهذا نوع من الكلام لا يزال الأديب يسأل عنه في المجالس الحافلة والمشاهد الجامعة إذا أريد الوقوف على مبلغ علمه ومقدار حفظه فإن سبق إليه في بالجواب جل قدره وفخم أمره، وإن نكص عن ميدانه وشال في ميزانه قلت الرغبة فيه وانصرفت القلوب عنه، وذلك مثل ما أخبرنا به أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد رحمه الله تعالى قال: كان بعض من ينتحل الأدب يريد الدخول في جملة أبي الفضل محمد بن الحسن بن العميد لمنادمته، وشفع له في

1 / 7

ذلك جماعة من بطانته فأحضره يوما وفاوضه ليقف على مقداره في المعرفة فقال له فيما قال: ما أحسن ما قيل في صفة شعر؟ فبقي مليا يتفكر فقال أبو الفضل: فند عند خاطرك حداجة، ثم قال هات أيها الشيخ فقلت أحسن ما قاله قديم في ذلك قول الشاعر: (فإن أهلك فقد أبقيتُ بعدي ... قوافا تُعجبُ المتمثلينا) (لذيذات المقاطع محكمات ... لو أنَ الشعرَ يُلبَسُ لارتُدينا) وأحسن ما قاله محدث قول أبي تمام: (ووالله لا أنفك أهدى شواردا ... إليك يحملن الثناء المنخلا) (تخال به بردا عليك محبرا ... وتحسبها عقدا عليك مفصلا) (ألذ من السلوى وأطيب نفحة ... من المسك مفتوقا وأيسر محملا) (أخف على روح وأثقل قيمة ... وأقصر في سمع الجليس وأطولا) (وُيزهى به قوم ولم يمدحوا بها ... إذا مثل الراوي بها أو تمثلا)

1 / 8

وقوله: (إن القوافي والمساعى لم تزل ... مثل النظام إذا أصاب فريدا) (هي جوهرٌ نثرٌ فإن ألفته ... بالشعر صار قلائدا وعقودا) (في كل معترك وكل مقامة ... يأخذنَ منها ذمةً وعهودا) (فإذا القصائد لم تكن خفراءها ... لم ترضَ منها مَشهدا مشهودا) (من أجل ذلك كانت العربُ الألى ... يدعون ذلك سؤددا محدودا) (ونند عندهم العلا الأعلى التي ... جعلت لها مُرَرُ القريض قيودا) قال وبقى الرجل لا يفيض بكلمة ثم خرج ولم يعد. قوله فند يعني أن خاطره بطئ. وفند هذا مخنث كان بالمدينة مولى لعائشة بنت أبي وقاص، وكانت بعثته ليقتبس نارا فأتى مصر وأقام بها سنة ثم جاء بنار وهو يعدو فعثر فتبدد الجمر فقال تعست العجلة فقالت فيه: (بعثتك قابسًا فلبثتَ حولا ... متى يأتي غياثُك من تغيث) وقال الشاعر: (مارأينا لغراب مَثَلا ... إذ بعثناه لحمل المشمله) (غير فند أرسلوه قابسًا ... فثوى حولًا وسب العجله) فتمثلت العرب به فقالت أبطأ من فند. وحداجة رجل يضرب به المثل في السرعة فقيل أسرع من حُداجة. وممن سبق إلى الجواب عن هذا النوع فحظي النضر بن شميل أخبرنا أبو

1 / 9

أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد قال حدثنى أبى قال حدثنا إبراهيم بن حامد قال حدثنا أبو بشر محمد بن ناصح الاصبهاني عن النضر بن شميل المازني قال: كنت أدخل على المأمون في سمره فدخلت عليه ذات ليلة وعلي قميص مرقوع فقال يا نضر ما هذا القشف فقلت يا أمير المؤمنين أنا شيخ ضعيف وحر مر وشديد فأتبرد بهذه الخلقان، قال لا ولكنك قشف فأجرينا الحديث إلى أن أخذ المأمون فى ذكر النساء فقال: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال قال رسول الله (إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سداد من عوز) فقلت صدق يا أمير المؤمنين هشيم حدثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال (إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سداد من عوز) قال وكان متكئًا فاستوى جالسا فقال يا نضر كيف قلت سداد قلت يا أمير المؤمنين السداد ههنا لحن قال ويحك أتلحنني قلت إنما لحن هشيم وكان لحانه فتبع أمير المؤمنين لفظه، قال فما الفرق بينهما قلت السداد القصد في الدين والسبيل، والسداد البلغة وكل ما سددت به شيئا فهو سداد، قال وتعرف العرب هذا؟ قلت نعم العرجى يقول: (أضاعوني وأى فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر) قال قبح الله من لا أدب له، ثم أطرق مليا ثم قال: أنشدني أخلب بيت قالته العرب قلت حمزة بن بيض يقول في الحكم بن مروان:

1 / 10

(تقول لي والعُيونُ هاجعةٌ ... اقم علينا يوماٌ فلم اقم) (أى الوجوه انتجعت قلت لها ... وأى وجه إلا الى الحكَم) (متى يقل صاحبا سرادقه ... هذا ابن بيض بالباب يبتسم) (قد كنت أسلمتُ فيك مقتبلا ... فهات أدخل أو قى سلمى) فقال أحسن ما شاء، أنشدني أنصف بيت قالته العرب قلت أبو عروه المدني حيث يقول: (إني وان كان ابن عمي واغرا ... لمزاحم من خلفه وورائه) (وممده تصرى وإن كان امرأ ... متزحزحا في أرضه وسمائه) (وأكون والى سره فأصونه ... حتى يحين علي وقتُ أدائه) (واذا الحوادثُ أجحفت بسوامه ... قرنتُ صحيحتنا الى جربائه) (واذا دعا باسمى لنركب مركبا ... صعبًا قعدتُ له على سيسائه) (وإذا رأيت له رداءً ناضرًا ... لم يلفنى متمنيًا لردائه) فقال أحسن ما شاء، أنشدني أقنع بيت للعرب قلت الراعي حيث يقول: (اطلب ما يطلبُ الكريمُ من الرزق ... لنفسى فاجملُ الطلبا) (واحلبُ الثرة الصفي ولا ... أجهد أخلاف غيرها حلبا) (إني رأيتُ الفتى الكريمَ إذا ... رغبته في صنيعة رغبا) (والنذلٌ لا يطلبٌ العَلاءَ ولا ... يٌ عطيك شيئًا إلا إذا رهبا) (مثلُ الحمار الموقع السوء لا ... يحسن شيئًا إلا إذا ضربا) (ولم أجد غرة الخلائق الا ... الدين لما اعتبرتُ والحَسَبا)

1 / 11

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.