إنما القبر مضجع يستوي ... العالم فيه رفيعه ووضيعه
نافقت بيننا الحياة فهذا ... حل كوخا وذاك طالت ربوعه
يا ظالم الحياة ما أعدل القبر ... تساوى فيه الوجود جميعه !
***
لا تلم ذلك الفتى حين أردى ... نفسه فالشقا الطويل شفيعه
وانتحار المضيم أخصر للضيم ... وأجدى من أن يطول خضوعه
مزق العمر ضيعه العمر ... وحمق حفظ الفتى ما يضيعه
كم شوت روحه الضلوع ويوما ... لفظ الروح فاطمأنت ضلوعه
بين ذهاب ومعاد
تلفتت كالسارق الخائف ... إلى العشيق اللاهث الراجف
مذعورة ترتاع من خطوها ... من الخيال الكاذب الطائف
شرشفها المذعور كالغصن في ... جو الخريف الأصفر العاصف
تمشي ويمشي إثرها والدجى ... حوليهما كالراهب العاكف
وانطلقت وانقض في إثرها ... كالبرق في إيماضه الخاطف
***
حتى احتوى شخصيهما مخدع ... غض كأفراح الصبا الوارف
فالليل رقص عابث كالصبا ... ومعزف يشدو بلا عازف
ولاح وهمان لعينيهما ... كواقف ريصغي إلى واقف
فقنعت وجهيهما صفرة ... كذكريات المذنب الآسف
وأعتم الجو فلم يخشيا ... على ستار الحب من كاشف
وأنصت الليل ولم يستمع ... إلا شكاوى عمره التالف
كأنه شيخ على وجهه ... مقبرة من عهده السالف
شيخ له وجه كدجل الرؤى ... ولحية تدعو يد الناتف
أصغى فلم يسمع سوى غيمة ... وثرثرات المطر الواكف
وخطو فلاح هناك انحنى ... يمحو بقايا العرق النازف
***
هنا اطمأنت واطمأن الفتى ... إلى اللقاء الصاخب القاصف
وحدقت في مجه محبوبها ... تحديقة الظامي إلى الغارف
ووسوست ما سر إطراقه ... وما ورا إطراقه العارف ؟ !
هل أذهلته فتنتي أم أنا ... أسعى وراء الموعد الآزف ؟
هل أجتديه ؟ آه أم ألتجي ... إلى سلاحي المدمع الذارف ؟ !
أم لا ينم الوجه عن قلبه ؟ ... أم حبه كالدرهم الزائف ؟
لا : لم يكن : إني أرى قلبه ... في عينه كالشره الواجف عيناه في عيني لكن متى ... يدني فمي من فمه الراشف ؟
Bogga 84