قل لي . أتذكر يا أخي ... من تلك جارتنا الشهية ؟
هي فوق فلسفة التراب ... وغلظة الأرض الدنية
رحمت مجانين الغواية ... فهي مشفقة غوية
بنت الطبيعة فهي ظل الحب ؛ والدنيا الشذية
كانت ربيع الأمنيات ؛ ... وأغنيات الشاعرية
فانصت إلي فلم تزل ... من قصة الماضي بقية
جاءت بها الذكرى ؛ وما الذكرى ؟ خلود الآدمية
حدق ترى ماضيك فيها ، ... فهي صورته الجلية
أواه ! ما أشقى ذكي القلب ؛ في الأرض الغبيه !
***
ما كان أذكى " مرشدا " ... وأبر طلعته الزكيه !
كان ابتسامات الحزين ؛ ... وفرحة النفس الشجية
عيناه من شعل الرشاد ، ... وكله من عبقرية
إن لم يكن في الأنبياء ... فروحه المثلى نبية
قتلته في الوادي اللصوص ؛ فغاب كالشمس البهية
كان ابن عمي يزدريه ؛ ... فلا يضيق من الزريه
ومن ابن عمي ؟ جاهل ... فظ كليل الجاهلية
يرنو إلينا ... مثلما ... يرنو العقور إلى الضحية
نعرى ؛ ويسبح في النقود ؛ ... وفي الثياب القيصرية
ونذوب من حرق الظماء ... وعنده الكأس الرويه
والكأس تبسم في يديه ؛ كابتسامات الصبية
والكرم في بستانه ... يلد العناقيد الجنيه
حتى تزوج أربعا ... أشقته واحدة شقية
فكأن ثروته دخان ... ضاع في غسق العشية
فهوى إلينا والتقينا ؛ ... كالأسارى في البلية
***
وأتى الخريف وكفه ... تومي بأشداق المنية
وتوقع الحي الفنا ... فتغيرت صور القضية
وتحرك الفلك الدؤوب ... فأقبلت دنيا رخية
وتضوع الوادي بانسام الفراديس الندية
قل لي : شقيقي هل ذكر ... ت عهود ماضينا القصية
خذها فديتك قصة ... دفاته النجوى سخية
وإلى التلاقي يا أخي ... في قصة أخرى طرية
والآن أختم الكتا ... ب ختامه أزكى تحية !
نحن والحاكمون
أخي ؛ صحونا كله مآتم ... وإغفاؤنا ألم أبكم
فهل تلد النور أحلامنا ... كما تلد النور الزهرة البرعم ؟
Bogga 54