المبحث العاشر: إثبات صفة الرضا
لقد أثبتت السورة صفة الرضا لله - جل وعلا - على ما يليق به - سبحانه - وهي صفة فعلية يفعلها متى شاء وكيف شاء.
قال تعالى: ﴿وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ...﴾ الآية.
هذه الآية من السورة إخبار من الله - تعالى - بأنه لا يرضى لعباده أن يكفروا به ولا يرضى لهم أن يشركوا به غيره، وإنما الذي يرضاه لهم أن يؤمنوا به - سبحانه - ويطيعوه ويكونوا بمنآى عن الكفر وأهله، وكون الكفر لا يخرج عن المشيئة العامة فليس ذلك مبررًا لكفر الكافر، ومعصية العاصي لأنه - تعالى - يخلق ما يحب وما يكره من الأعيان والأفعال وكل ما في الكون داخل تحت مشيئته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
قال العلامة ابن القيم حول الآية ﴿وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ الآية "فالكفر والشكر واقعان بمشيئته وقدره، وأحدهما محبوب له مرضي، والآخر مبغوض له مسخوط، وكذلك قوله عقيب ما نهى عنه ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ ١.
فهو مكروه له مع وقوعه بمشيئته وقضائه وقدره" أ. هـ٢.
وصفة الرضا كثر ذكرها في الكتاب والسنة مما يدل على ثبوتها ثبوتًا قطعيًا للباري - سبحانه - على ما يليق بجلاله وعظيم سلطانه كغيرها من الصفات الأخرى كالعلم والقدرة والإرادة وغير ذلك من الصفات الثابتة التي نطق بها الكتاب والسنة.