Diraya
كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية
Noocyada
قال: فصنع رجل من الأنصار صنيعا ودعا سعد بن أبي وقاص إلى صنيعه, وكان شوى رأس بعير, فأكلوا وشربوا, وكان ذلك قبل تحريم الخمر فأخذ فيهم فافتخروا, وانتسبوا [ وقالوا] الشعر فقام الأنصاري فأخذ إحدى لحى البعير, فضرب بها رأس سعد, فإذا الدماء على وجهه فانطلق سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستعديا يشكو الأنصاري, فنزل تحريم الخمر, وذلك بعد غزوة الأحزاب.
كل آية في تحليل الخمر في القرآن منسوخة نسختها هذه الآية في سورة المائدة(الآية:90-93) قوله: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } يعني: القمار كله { والأنصاب } يعني: حجارة كان ينصبها مشركوا العرب فيعبدونها ويذبحون لها, { والأزلام } يعني: القدحين اللذين كان يستقسم بهما أهل الجاهلية في أمورهم, أحدهما عليه مكتوب "أمرني ربي" وعلى الثاني "نهاني ربي" ثم يأخذون القداح ويضربون بها على رأس صنمهم , فإن خرج القدح الذي مكتوب عليه "أمرني ربي" ركبوا الأمر الذي هموا به، وإذا خرج الذي عليه مكتوب " نهاني ربي " تركوا الأمر الذي أرادوا أن يركبوه فهذه { الأزلام } قال الله: { رجس } يعني: إنما ذكر الخمر والميسر والأنصاب والأزلام { من عمل الشيطان } يعني: من تزيين الشيطان { فاجتنبوه }فهذا تحريمهن، كما قال الله: { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }(الحج:30) يعني: عبادة الأصنام, فحرم الخمر وما يشبهه من كل مسكر, كما حرم عبادة الأنصاب, { لعلكم } يعني لكي { تفلحون }.
قال: { إنما يريد الشيطان أن يوقع } يعني: يلقي { بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر } يعني: حين شج الأنصاري رأس سعد بن أبي وقاص { ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } فهذا وعيد من بعد التحريم, قالوا: قد انتهينا يا ربنا.
Bogga 128