Diraasaad ku Saabsan Mad-hababka Suugaaneed iyo Bulsho
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Noocyada
وعربوا «النوروز»، وكان في وسعهم أن يسموه «اليوم الجديد».
بل كان ابن سينا مثلا يعرب كلمة ال «مانيا» بلفظها ولا مندوحة بترجمتها إلى «الهوس» أو «النزوة» أو «الهاجسة» وما إليها؛ لأنهم حرصوا على تحديد المعنى العلمي بغير التباس بينه وبين الألفاظ التي تجري على ألسنة العامة والخاصة في البيوت والأسواق.
إلا أن الحذر من التعريب لم يبلغ في أوائل العصر الإسلامي قط مثل ما بلغه في العصر الحديث منذ مائة سنة أو نحو ذلك؛ لأن الحذر هنا قد عم واستفاض حتى شمل الحذر على كيان البلاد العربية في وجودها القومي وحياتها السياسية وعقائدها الدينية وسائر مقوماتها في حاضرها ومصيرها، وكلها من المقومات التي تتصل باللغة ولا تنفصل عنها.
ففي هذا العهد الأخير تجمعت على البلاد العربية أخطار الاستعمار وأخطار المذاهب الهدامة وأخطار الجهل والاستسهال، فاشتدت دعوة المحافظة على القديم حتى بلغت غايتها من الشدة وأوشكت أن تخرج بالتطرف إلى الإفراط، ثم آذنت بالتحول كما يتحول كل شيء بلغ الغاية من مداه، واتفق في الوقت نفسه أن كفة الحرية رجحت على كفة الخضوع والمهانة، فعادت الثقة إلى النفوس وعادت معها قدرة التصرف دون مغالاة في الحذر أو الاطمئنان.
كان خصوم التعريب في إبان الحذر على كيان الأمة ينكرون أن تعرب كلمة «الهيدروجين»، ويقترحون فيما اقترحوه أن تترجم بكلمة «المميه» من: أماه الشيء، يميهه، إماهة - أي: جعله ماء على هذا التصريف - وفاتهم أن هذه الكلمة اليونانية لم يضعها اليونان الأقدمون وإنما استعارها الإفرنج المحدثون للاصطلاح العلمي، مع إمكانهم أن يؤدوا معناها بلغاتهم الحديثة، لولا اتقاء اللبس بين اسم العنصر وبين معنى الكلمة المطروقة على ألسنة الناس.
والذي نراه أن الحذر من التعريب كله يخف شيئا فشيئا على حسب نصيبنا من التقدم والثقة وحرية التصرف في جميع الأحوال، ولكننا لا نريد أن نترك هذا الحذر مرة واحدة أو نفتح أبواب التعريب على جميع المصاريع، فإنما الخير كل الخير أن نتحول عن الحذر من التعريب إلى الحذر من الإفراط في التعريب، فلا نعرب من المصطلحات العلمية أو الفنية إلا ما كان من قبيل الأعلام التي لا تقبل الترجمة، أو قبيل الرموز التي تنحت منها الكلمات ولا تقبل النقل إلى حروفنا العربية، وهي كثيرة في علوم الطب والكيمياء على الخصوص، قليلة فيما عداها من العلوم، وإن كانت قلة يحسب لها حسابها في جميع اللغات.
والنهج السوي أن نفضل الترجمة ما دامت مستطاعة سائغة، فإن تعذرت فلا حرج من التعريب على قدر الحاجة إليه، بغير إفراط ولا استرسال.
ولا غنى لنا عن ملاحظة التخصيص اللازم في مصطلحات العلوم والفنون، فإن الاصطلاح يفقد معناه إذا وقع اللبس بين مدلوله ومدلول الكلمات الشائعة؛ ولهذا يتجنب العلماء الكلمات المطروقة ويفضلون عليها الكلمات التي يمكن تخصيصها بمدلولها ولا تلتبس بسواها.
مثال ذلك عصر البوتاس، فإنه في الإنجليزية مأخوذ من كلمتي
أي: رماد القدر كما يدل عليه لفظه وتحضيره، ولكن الإنجليز يفضلون أن يطلقوا على هذا العنصر في لغة العلم كلمة «قليوم»
Bog aan la aqoon