152

Diraasaad ku Saabsan Mad-hababka Suugaaneed iyo Bulsho

دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية

Noocyada

وإذا سألت إنسانا آخر من غير المحافظين ولكنه من المترددين المفرطين في التدبر وإعمال الروية علمت منه أن الطفرة هي كل عمل تعترضه الصعوبات وتقف في طريقه العقبات، ويقلق صاحبه فلا يستريح أو يكون له ما يريد.

ولكنك إذا أردت أن تعرف أن هذه الطفرة محال أو غير محال، فحوادث التاريخ خير مقياس لما يمكن وما لا يمكن من مطالب الطامحين وذوي الهمم والعزائم، فإنك إذا أحصيت الأعمال التي قيل عنها قبل وقوعها إنها طفرة مستحيلة، ثم تمت وتحققت وتبين أنها ممكنة لا استحالة فيها؛ جاز لك أن تقول إن الطفرة كما يفهمها هؤلاء غير مستحيلة وغير نادرة في التاريخ القديم أو الحديث، ولا سيما الأعمال التي يستبعدها من يكرهها ولا يريد وقوعها، فهو يتمنى أن تكون مستحيلة ويصدق أنها مستحيلة؛ لأن المرء في كثير من الأمور يصدق ما يتمناه.

وجملة القول: أن المستحيل قبل وقوعه سهل ممكن بعد وقوعه، كما قال أبو الطيب:

كل ما لم يكن من الصعب في الأنف

س سهل فيها إذا هو كانا

ودولة «الباكستان» إحدى هذه المستحيلات الممكنات.

كانت دولة الباكستان مستحيلة عند أناس كثيرين مخلصين في اعتقادهم وغير مخلصين، وفي مقدمتهم من كانوا يكرهون قيام الباكستان ويسرهم أن تكون أملا مستحيلا، أو تكون أملا غير معقول وغير رشيد.

ومنهم من كان يحكم عليها بالاستحالة ويبني حكمه على أسباب يخيل إليه أنها من البديهيات التي لا تقبل المراجعة.

كانت مستحيلة لأسباب جغرافية، فإن المسافة البعيدة بين شطرها الشرقي وشطرها الغربي مانعة في رأيهم أن تنتظم فيها الإدارة، وتستقر فيها دعائم الحكومة.

وكانت مستحيلة لأسباب اقتصادية؛ لأنها مضطرة إلى القروض الأجنبية للدفاع عن حدودها، ثم تبحث عن تلك القروض فلا تجدها، أو لعلها تجدها بعد الجهد والرضا بشروطها الثقيلة، فترهق شعبها وتعطل مرافقها بما تبذله من تلك الجهود وتحتمله من تلك الشروط.

Bog aan la aqoon