Diraasaad Falasafi ah
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Noocyada
القفز إلى النتائج دون المقدمات، وقطف الثمار بلا غرس، وجني الأوراق بلا جذور بالرغم من قراءتنا
أصلها ثابت وفرعها في السماء [إبراهيم: 24]. فالإنجازات العلمية إنما أتت بعد تطور طويل للمنظور العلمي منذ عصر النهضة في القرن السادس عشر حتى عصر الاكتشافات العلمية في القرن الماضي، وتكنولوجيا هذا القرن. ولكن مجتمعاتنا تحاول أن تعيش في عصر النهضة وأن تقفز إلى عصر التكنولوجيا دون أن يحدث تطور طبيعي في منظورها العلمي أو في تصورها للعالم؛ لأن التاريخ ومراحله ليس بعدا في وجداننا القومي. (ب) مخاطر التغريب
وقد أدى التغريب إلى عدة مخاطر أهمها: (1)
التعلم المستمر والتتلمذ على أيدي الغير إلى ما لا نهاية، والتهميش والترجمة لما نتعلم حتى يرهق الذهن ويضيع الوقت في الاستيعاب ويتحول الذهن إلى «متلقي العلم» وليس إلى «مبدع العلم»، ويصبح العلم كما هائلا بلا كيف، ويغلب على إنتاجنا طابع التجميع والعرض باسم العلم، ويصبح العالم هو صاحب العلم الغزير، ويكون أفضل عالم هو العالم الموسوعي. (2)
لما كان معدل الإنتاج الغربي أسرع بكثير من معدل الترجمة، طالت فترة الترجمة والتجميع ولم نتحول بعد إلى التأليف والإبداع، مع أن فترة الترجمة الأولى لم تستغرق أكثر من مائة عام وهو القرن الثاني الهجري جاء بعدها التأليف في القرن الثالث عند الكندي مثلا. ونحن قد بدأنا الترجمة في القرن الماضي منذ بعثات محمد علي وتحت إشراف الطهطاوي وما زلنا نشكو من نقص التراجم. (3)
تكوين مركب العظمة الحضاري لدى الشعوب الغربية وفي مقابلها مركب النقص الحضاري لدى الشعوب غير الأوروبية ما دامت العلاقة أحادية الطرف، طرف يعطي وطرف يأخذ، طرف يبدع وطرف ينقل، وبمرور الأجيال، تتحول العادة إلى طبع، ويتحول الطبع إلى سلوك طبيعي. (4)
ضياع قدرة العقل على التفكير وتحويله إلى وظيفة الذاكرة، أي التذكر والاستيعاب. وبالتالي تقل قدرات الذكاء، وتختفي محاولات الإبداع، وينتقل ذلك الموقف الحضاري العام إلى نمط في الحياة الثقافية في التعليم في المدارس والجامعات حتى في معاهد البحث العلمي. (5)
خلق طبقة من المتخصصين لنشر العلم والقيام بأعمال الترجمة لمراكز الثقافة الممثلة للدول الغربية، وتوجيه الرأي العام لدى الشعوب بنوع المعلومات المترجمة، ومعظمها عن مآثر النهضة الأوروبية ومميزات المدنية الحديثة حتى يتحول الوعي القومي من الذات إلى الغير فتتكسب هذه الطبقة، وتحول العلم من رسالة إلى منفعة شخصية أو إلى وجاهة اجتماعية وسط شعوب في حاجة إلى التعلم والمعرفة. (6)
ويزيد ولاء هذه الطبقة للغير إلى حد يقرب من الخيانة الوطنية إذا ما أصبحوا أدوات للغزو الثقافي الأجنبي، ورسلا للاستعمار الثقافي وهم على وعي بدورهم، فيجرفهم في النهاية أقرب تيار للثقافة الوطنية. (ج) طغيان طابع العقلية الغربية
نظرا للكم الهائل من المنقول من تراث الغير ولانتشار عادة الترجمة والتجميع في صورة تأليف، فإن «طابع» العقلية الغربية سرعان ما ينتشر في أذهان الشعوب. فالكم المنقول يولد معه كيف الفكر، فيفكر المثقفون بمقولات الغرب، وتطبع أذهانهم بطابع العقلية الغربية التي يمكن توصيفها على النحو الآتي: (1)
Bog aan la aqoon