Diraasooyin Falsafadeed: Falsafadda Reer Galbeedka Casriga ah iyo Casrigan
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Noocyada
لم يستطع فيكو التخلص من بعض العقائد اللاهوتية وعلى رأسها عقيدة العناية الإلهية وتحويلها إلى قانون للتقدم؛ فالعناية الإلهية مذكورة من أول «العلم الجديد» إلى آخره، ولا يجد فيكو فرصة إلا وأشار إليها. فالعلم الجديد يدرس الطبيعة المشتركة للشعوب والأمم في ضوء العناية الإلهية، وقانون التطور نفسه من أفعال العناية الإلهية أو يقتضي على الأقل الإيمان بها . بل إن الوثنيين أيضا يدخلون ضمن العناية الإلهية الشاملة، والمحكمة العليا للتاريخ هي محكمة العناية الإلهية التي يتحدد فيها المسار الثابت للشعوب. صحيح أنها لا تدخل ضمن البديهيات التي تعطي المبادئ العامة للعلم لأنها أقرب إلى مادة العلم منها إلى صورته، ولكنها تكون خاتمة «العلم الجديد» حين يضع فيكو نظاما للحكم أبديا طبيعيا تنظمه العناية الإلهية. ويبدو أن هذا النظام الأمثل هو النظام الحقيقي الطبيعي الأرستقراطي الذي تقره العناية الإلهية. ولا عجب أن تكون آخر عبارة في «العلم الجديد» هي: «هذا العلم لا ينفصل عن التقوى. ومن لا يكون تقيا لا يمكن أن يكون حكيما حقيقيا.»
1 (8)
يستبعد فيكو باستمرار في أحكامه على الدين التراث العبراني والمسيحي إما لأنه يعتقد ذلك حقيقة وإما تقية حتى يترك للأجيال التالية تعميم الحكم العلمي على كل تراث ديني كما فعل ديكارت في استثناءاته ثم تطبيق اسبينوزا منهج الوضوح والتميز عليها فيما بعد. ويكون لسان حال فيكو «الكلام لك واسمعي يا جارة.» يدرس «العلم الجديد» تاريخ الشعوب وليس العبرانيين والمسيحيين لأنهم قوم منعزلون منفصلون. كما يبين نشأة أولاد سام من اللاعبرانيين نشأة أسطورية في حين أن العبرانيين لم ينشئوا كذلك. كما استثنى العبرانيين من نظام الرق، ومن كل حكم يراه فيكو منافيا للعقل وللأخلاق. هل هو خوف أم ذكاء؟ اقتناع أم خداع؟ (9)
لا شك أن فيكو يتعامل مع الحضارتين اليونانية والرومانية باعتبارهما ثقافته الوطنية؛ فقد ورثت الحضارة اللاتينية الحضارة اليونانية إبداعا في الأقل وتقليدا في الأكثر. وكان من الطبيعي أن تتحول هذه الثقافة الوطنية من مرحلة إلى مرحلة، من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة. ومن طريق هذا التحول، إعادة بناء المحاور والبؤر من الله إلى الإنسان، ومن الرأسي إلى الأفقي؛ ومن ثم فإن فيكو لا يؤسس «العلم الجديد» إلا من خلال إعادة بناء ثقافته الوطنية وليس ثقافات كل الشعوب. (10)
لذلك خرج هذا التميز الشائع في الحضارة الأوروبية باعتبار اليونان والرومان بدايات التاريخ البشري وأن الغرب نهايته وكماله، خاصة في ألمانيا أو فرنسا أو إيطاليا، طبقا لحضارة الفيلسوف التي ينتسب إليها. وكان من الطبيعي أن تتوارى الحضارات الشرقية في مصر والصين والهند وفارس، وحضارات ما بين النهرين. والحديث عن المحمديين على أنهم مؤمنون بإله واحد وبالملاذ الحسية في المعاد، وعن العرب الأميين الذين يجهلون الكتابة ويحفظون تراثهم شفاهيا إلى أن اتصلوا بالبيزنطيين، وعن اعتبار المسيحيين الأتراك (أي المسلمين بمعنى المؤمنين الحقيقيين) كلابا واعتبار الأتراك المسيحيين خنازير نموذج لصورة الشعوب المغلوبة في أذهان الشعوب الغالبة. هذا التمركز على الذات في الغرب وجعله محور التاريخ هو الداء الدفين في كل فلسفات التاريخ الغربية. وقد آن الأوان للشعوب غير الأوروبية تصحيح الوضع وإعادة كتابة تاريخ البشرية بمزيد من العدل والمساواة بين تراث الشعوب.
الاغتراب الديني عند فيورباخ1
ليس في هذا المقال ما يمس ديننا الحنيف بل هو دراسة للمسيحية واليهودية والوثنية أي للأديان السابقة على الإسلام وليس لخاتم الأديان.
كما أنه دراسة لمقالات علماء الكلام وليس دراسة للدين في ذاته ويشبه تحريم فقهاء المسلمين لهذا العلم والتحذير منه.
أولا: مقدمة: جوهر المسيحية
(1)
Bog aan la aqoon