234

Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Noocyada

إنه يصرح بأن «النسب وهمي (يريد معنويا وذهنيا) وإن كان طبيعيا» (ص184)، كما يقول «إن النسب أمر وهمي لا حقيقة له» (ص129)، ويصرح أيضا: «إذا كان النسب يستفاد من الخبر البعيد؛ ضعف فيه الوهم وذهبت فائدته» (ص129)، كما يقول: «إن النسب إذا خرج عن الوضوح، وصار من قبيل العلوم؛ ذهبت فائدة الوهم فيه عن النفس، وانتفت النعرة التي تحمل عليها العصبية»

1 (ص129).

يظهر من ذلك بكل وضوح أن ابن خلدون لم يقل بأن وجود القرابة يكفي لتوليد العصبية.

ثانيا:

عندما يشير ابن خلدون إلى منشأ العصبية، يقول إنها تكون «من الالتحام بالنسب أو ما في معناه»، ثم يصرح بأن الولاء يعمل عمل النسب؛ «لأن اللحمة الحاصلة من الولاء مثل لحمة النسب أو قريبة منها» (ص129).

وفي محل آخر يصرح بذلك بوضوح أكبر: «إن المقصود في العصبية من المدافعة والمغالبة، إنما يتم بالنسب؛ لأجل التناصر في ذوي الأرحام والقربى، والتخاذل في الأجانب والبعداء. والولاية والمخالطة بالرق أو بالحلف تنزل منزلة ذلك.» وبعد ذلك يحلل أسباب تكون العصبية من القرابة فيقول: «المعنى الذي كان به الالتحام، إنما هو العشرة والمدافعة وطول الممارسة والصحبة بالمربى والرضاع، وسائر أحوال الموت والحياة» (ص184).

يتبين من ذلك أن ابن خلدون يحصر عمل «القرابة» في نطاق «العشرة والصحبة والممارسة» الناشئة عنها، فلا يرجع العصبية إلى وحدة الدم في حد ذاتها.

حتى إنه يقول بصراحة أعظم: «يحدث بين المصطنع ومن اصطنعه نسبة خاصة من الوصلة، تنزل هذه المنزلة وتؤكد اللحمة، فإن لم يكن نسب، فثمرات النسب موجودة» (ص184).

وإذا أردنا أن نلخص الآراء المستفادة من هذه العبارات، استطعنا أن نقول: إن وحدة الدم تولد العصبية من جراء العشرة والصحبة والممارسة التي تستتبعها؛ ولذلك نجد أن وحدة الدم والنسب إذا لم تؤد إلى وحدة المربى والعشرة والصحبة، فلا تولد اللحمة والعصبية، وبعكس ذلك العشرة والصحبة، إذا حصلت من سبب غير النسب فإنها توصل إلى نتائج مماثلة لما يحدث من قرابة الدم والنسب، فالعامل الأصلي في العصبية ليس القرابة في حد ذاتها. (2)

إن هذه النتيجة التي وصلنا إليها، من إنعام النظر في كنه نظرية العصبية، تتأيد وتتأكد لدينا كلما توغلنا في درس آراء ابن خلدون الأساسية في الحياة الاجتماعية.

Bog aan la aqoon