Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Noocyada
بعد أن تأكد قره زوس - على هذا المنوال - من قدرة عرافة دلفي، قرر أن يستشيرها في أمر محاربة الماديين، ضحى للآلهة ثلاثة آلاف رأس من جميع أجناس الحيوانات الأهلية، وهيأ مجموعة كبيرة من الهدايا الثمينة، وأرسلها إلى دلفي مع وفد خاص لاستشارة الآلهة بواسطة الكاهنة.
عندما سألوا الكاهنة: «هل يجب على قره زوس أن يحارب الماديين؟» أجابتهم قائلة: «إذا حاربهم ستخرب دولة كبيرة.»
وعندما سألوها: «هل سيكون عمر دولة قره زوس طويلا؟» أجابتهم قائلة: «إن دولته ستعيش إلى أن يصبح البغل ملكا على الماديين.»
لقد سر قره زوس من هذه الأجوبة سرورا كبيرا؛ لأنه قال في نفسه: «إن البغل لا يمكن أن يصبح ملكا، إذن فإن دولتي ستعيش على مر الأيام، في حين أن دولة الماديين الكبيرة ستنهار حتما.»
وبناء على هذه الملاحظة أخذ يعد العدة لمحاربة الماديين بكل اطمئنان.
غير أن الأمور جرت على خلاف ما توقعه قره زوس، والماديون تغلبوا عليه وأسروه.
إن ملك الماديين أراد - في بادئ الأمر - أن يحرق قره زوس بالنار، غير أنه عدل عن هذه الفكرة بعد ذلك؛ بسبب سلسلة طويلة من الحوادث الغريبة المملوءة بالخوارق والمعجزات، عدل ملك الماديين عن إحراق قره زوس، وأمر بفك الأصفاد والأغلال التي كانوا قد كبلوه بها، عندئذ طلب قره زوس من الملك المنتصر أن يترك تلك الأصفاد بغية إرسالها إلى معبد دلفي، بقصد لوم الآلهة على عملها الشائن، وبعد أن حصل على الموافقة أرسل الأصفاد إلى المعبد المذكور مع وفد خاص، ووجه إلى الآلهة الأسئلة التالية: «هل يليق بالآلهة أن تخدع الإنسان؟ إنه لم يقدم على الحرب إلا بعد أن عرف منها بأن حربه ستنتهي بانقراض دولة الماديين، وبأن دولته هو ستستمر إلى أن يصبح البغل ملكا على الماديين، ومع هذا فإن الأمور قد جرت على عكس ذلك تماما؛ ها قد دالت دولته، كما أنه أصبح أسيرا في أيدي المنتصرين عليه. ألا تحمر وجوه الآلهة خجلا من هذه النتيجة الشائنة؟! هذا، وهل يليق بالآلهة أن تكون ناكرة الجميل إلى هذا الحد؟ إنه كان قدم لها كل تلك الضحايا وكل تلك الهدايا، وإنها - مع ذلك - قد سمحت للوقائع بأن تجرفه إلى هذا المصير المؤلم؟»
ولكن أجوبة الآلهة على هذه الأسئلة بواسطة الكاهنة جاءت مسكتة تماما: «لا يحق لقره زوس أن يتذمر مما حدث؛ لأن كل ما حدث لم يكن مخالفا لما كانت أنبأت به الكاهنة بوجه من الوجوه؛ فإن دولة كبيرة قد انهارت فعلا هي دولته هو، وذلك حدث حقيقة بعد أن أصبح البغل ملكا على الماديين؛ إن البغل الذي جاء ذكره في الكهانة هو الملك سرخس
Cyrus
نفسه؛ لأنه من جنسين مختلفين؛ من أم نبيلة من سلالة الملوك، وأب وضيع من الرعاع، فالذنب ذنبه هو لأنه أقدم على الحرب من غير أن يفهم معاني الكلمات التي قالتها الكاهنة. فلا يحق لقره زوس أن يوجه اللوم إلى الآلهة أبدا.»
Bog aan la aqoon