160

Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Noocyada

إذا وازنا بين «مقدمة ابن خلدون» وبين «روح القوانين» من وجهة «السمو فوق مستوى العصر»؛ وجدنا أن كفة الكتاب الأول ترجح على كفة الثاني رجحانا كبيرا.

ذلك لأن مونتسكيو لم يسم كثيرا على معاصريه في أبحاثه الاقتصادية، وقد اعترف بذلك روبرت فلينت نفسه، على الرغم من تقديره الشديد للخدمة التي أداها مؤلف روح القوانين لفلسفة التاريخ بإدخال عنصر الاقتصاد في تفسير التاريخ.

يقول روبرت فلينت بعدما يعلن أهمية هذا العمل: «يجب علينا أن نتجنب المغالاة في تقدير ما نحن مدينون به إلى مونتسكيو في هذا المضمار.» إذ يجب علينا ألا ننسى أن العصر الذي كتب فيه روح القوانين كان عهد نشوء وترعرع في علم الاقتصاد. إن الأبحاث الاقتصادية كانت صارت موضع اهتمام الكثيرين من المؤلفين والمفكرين، حتى إن جماعة من معاصري مونتسكيو ومواطنيه كانوا أقدموا على تأسيس المذهب «الفيزيوقراطي» المشهور في علم الاقتصاد.

2

من الثابت أن مونتسكيو كان قد أبدى طائفة من الآراء الاقتصادية التي ثبت بطلانها بعد مدة وجيزة، كما أنه أغفل كثيرا من الحقائق الاقتصادية التي تم اكتشافها قبل مرور مدة طويلة؛ مما يدل دلالة قطعية على أنه لم يتفوق على معاصريه تفوقا كبيرا في أبحاثه الاقتصادية.

في حين أن ابن خلدون كان قد سما فوق معاصريه سموا هائلا في هذا المضمار، كما أنه ظل يحلق فوق مستوى الذين جاءوا بعده أيضا - في الشرق وفي الغرب - مدة قرون عديدة. (5)

وأما أبرز المسائل الاقتصادية التي تشترك مقدمة ابن خلدون في بحثها مع روح القوانين فهي؛ مسألة اشتغال الدول والأمراء بالتجارة.

يوجد في الباب الثالث من مقدمة ابن خلدون «فصل في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا ومفسدة للجباية» (ص281)، كما في الكتاب العشرين من روح القوانين فصل «في أن الأمير يجب ألا يتعاطى التجارة أبدا».

مما يلفت النظر - قبل كل شيء - في هذين العنوانين، أن عبارة ابن خلدون تقرر الواقع، في حين أن عبارة مونتسكيو تضع دستورا للعمل.

إن هذا الاختلاف يكتسب وضوحا أكثر من ذلك عند مطالعة ما جاء من الأبحاث تحت العنوانين المذكورين.

Bog aan la aqoon