Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
Noocyada
يلاحظ أن ابن خلدون يميز في هذه العبارات «لغة الحضر» من «لغة الجيل من العرب» لعهده، ومن البديهي أن هذا التمييز لا يمكن أن يفسر إلا باستعمال كلمة العرب مقابلا لكلمة الحضر كما في الفقرات التي ذكرتها آنفا. (ج)
وهناك فصل آخر يؤيد كل ذلك بتعبيرات وأشكال أخرى، هو الفصل الذي يقول فيه ابن خلدون: «إن لغة أهل الحضر والأمصار لغة قائمة بنفسها» (ص588). يبدأ الفصل المذكور بالعبارات التالية : «اعلم أن عرف التخاطب في الأمصار وبين الحضر ليس بلغة مضر القديمة، ولا بلغة أهل الجيل، بل هي لغة قائمة بنفسها بعيدة عن لغة مضر، وعن لغة هذا الجيل العربي الذي لعهدنا» (ص588).
من البديهي أن كاتب هذه الفقرات يترك «أهل الحضر والأمصار» خارجا عن نطاق شمول تعبير «الجيل العربي» بصورة قطعية. (د)
هذا ولنقرأ الفصل الذي يقرر «أن لغة العرب لهذا العهد مستقلة، مغايرة للغة حمير ومضر» (ص557). يقول ابن خلدون في هذا الفصل: «إن أفراد «الجيل العربي» لعهده لا ينقطون بالقاف كما ينطق بها «أهل الأمصار».» وبعد أن يوضح كيفية هذا النطق يكتب ما يأتي: «وصار ذلك علامة عليهم من بين الأمم والأجيال مختصا بهم، لا يشاركهم بها غيرهم، حتى إن من يريد التقريب والانتساب إلى الجيل والدخول فيه، يحاكيهم في النطق بها. وعندهم إنما يتميز العربي الصريح من الدخيل بالعروبية والحضري بالنطق بهذه القاف» (ص557).
إني أعتقد أن العبارة الأخيرة في منتهى الصراحة من وجهة تمييز «العربي» و«الحضري»، ومع هذا أجد في آخر الفصل المذكور عبارة أصرح وأدل من ذلك أيضا: «هذا مع اتفاق أهل الجيل كلهم - شرقا وغربا - في النطق بها، وأنها الخاصية التي يتميز بها العربي من الهجين والحضري» (ص558). «الخاصية التي يتميز بها العربي من الحضري»، لا أظن أن أحدا يستطيع أن يطلب دليلا أوضح من هذه العبارة على استعمال كلمة «العربي» بمعنى «البدوي»، ومقابلا لكلمة «الحضري».
3
إذا تركنا المقدمة جانبا وراجعنا التاريخ نفسه؛ وجدنا فيه أيضا قرائن كثيرة ودلائل قاطعة على أن ابن خلدون كان يستعمل كلمة العرب بمعنى الأعراب. (1)
إن الأبحاث التي يخصصها ابن خلدون لوصف أجيال العرب وطبقاتهم تؤيد ذلك بكل وضوح: «اعلم أن العرب منهم الأمة الراحلة الناجعة، أهل الخيام لسكناهم، والخيل لركوبهم، والأنعام لكسبهم، يقومون عليها، ويقتاتون من ألبانها، ويتخذون الدفء والأثاث من أوبارها وأشعارها، ويحملون أثقالهم على ظهورها، يتنازلون حللا متفرقة، ويبتغون الرزق في غالب أحوالهم من القنص وتخطف الناس من السبل، ويتقلبون دائما في المجالات، فرارا من حمارة القيظ تارة ، وصبارة البرد أخرى، وانتجاعا لمراعي غنمهم، وارتيادا لمصالح إبلهم الكفيلة بمعاشهم وحمل أثقالهم ودفئهم ومنافعهم» (تاريخ ابن خلدون ج1، ص22، طبعة محمد المهدي الحبابي). «فهذه كلها شعائرهم وسماتهم، وأغلبها عليهم اتخاذ الإبل، والقيام على نتاجها، وطلب الانتجاع بها لارتياد مراعيها ومفاحص توليدها، بما كان معاشهم منها» (تاريخ ابن خلدون، ج1، ص23).
من الواضح الجلي أن هذه الأوصاف لا تنطبق إلا على الأعراب. (2)
من المعلوم أن المؤرخين كانوا يقسمون العرب إلى ثلاث طبقات، يسمونها بالتتالي؛ البائدة، والعاربة، والمستعربة.
Bog aan la aqoon