111

Diraasaad ka ku Saabsan Muqaddimah Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Noocyada

أما العالم الغربي فلم يطلع على مقدمة ابن خلدون، ولم يهتم بها إلا في القرن التاسع عشر للميلاد.

والسبب الأصلي في ذلك هو - على ما نرى - تاريخ كتابة المقدمة، وعهد نشأة مؤلفها.

من المعلوم أن ابن خلدون كتب المقدمة في الربع الأخير من القرن الرابع عشر، وتوفي في العقد الأول من القرن الخامس عشر، في ذلك الزمن كانت القرون الوسطى في أوروبا قد دخلت في طورها الأخير، وصار كل شيء يبشر بدور وثوب جديد، سيؤدي إلى عهد الانبعاث بعد مدة لا تزيد كثيرا على نصف القرن.

كان العهد الذي يذهب فيه مفكرو أوروبا إلى الأندلس العربية؛ لانتهال مناهل العلم من جامعاتها، واستنساخ الكتب من مكتباتها، قد انقضى وانصرم؛ ذلك لأن القوم كانوا قد ترجموا أهم الكتب العلمية والفلسفية من العربية، خلال القرن الثاني عشر للميلاد، كما أنهم كانوا قد أسسوا أهم الجامعات في أوائل القرن الثالث عشر، والمدة التي مضت منذ ترجمة الكتب وتأسيس الجامعات - على هذا المنوال - كانت كافية لإنهاء «عهد الاقتباس من العرب» ولإكساب الفكر الأوروبي الشيء الكثير من الشخصية والاستقلال، إن مؤلفات وتعاليم آلبرت الكولوني، وتوما الأكويني، وروجر بيكن الإنجليزي،

Albert Le grand, Thomas D’Aquin, Roger Bacon ، كانت قد انتشرت في الجامعات قبل مدة غير يسيرة، والمناقشات التي كانت قامت بين أنصار ابن رشد وبين معارضيه، كانت قد اجتازت أدوارها الحادة.

فكان من الطبيعي ألا يعود المفكرون الأوروبيون فيفكرون ويتساءلون عما قد يؤلفه العرب من جديد، في دور انحطاطهم وانحلالهم الأخير.

زد على ذلك، فإن الوقائع الحربية والسياسية كانت قد أدت إلى انقطاع العلاقات والصلات بين العالمين العربي والغربي، انقطاعا يكاد يكون تاما؛ فإن العلاقات التي تربط العالمين المذكورين كانت قد انحصرت تقريبا في نطاق بعض المعاملات التجارية، وهذه أيضا كانت قد انحصرت في عدد قليل من المدن والمرافئ، فما كان من المنتظر - والحالة هذه - أن يطلع الأوروبيون على كتاب يؤلفه سياسي عربي، في محل ناء من إفريقية، في الدور الذي وصفنا أحواله العامة آنفا.

وفي الأخير يجب علينا ألا ننسى أن مقدمة ابن خلدون كانت جزءا من تاريخ ضخم، والتواريخ العربية كانت قد بقيت - بطبيعتها - خارجة عن نطاق اهتمام الأوروبيين بوجه عام؛ لأن اهتمام الأوروبيين كان قد توجه نحو الكتب العربية العلمية والفلسفية بوجه خاص، ولم يلتفت القوم التفاتا يذكر إلى كتب التاريخ العربية، حتى في الدور الذي كانوا يتهافتون فيه على درس وترجمة المؤلفات العربية على اختلاف أنواعها.

هذه هي الأسباب التي أدت إلى تأخر اطلاع الأوروبيين على مقدمة ابن خلدون، وانتباههم إلى قيمتها الفكرية والعلمية، حتى القرن التاسع عشر.

لغة المقدمة

Bog aan la aqoon