Diin
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Noocyada
ولا جائز أن يكون من قرارة النفس منبعها، فهذه النفس هي مصدر النقص الذي أحاول التخلص منه.
ولا يقال: إن الكمال الذي لم أحرزه بالفعل هو حاصل عندي بالقوة، وأنا دائب في سبيل اكتسابه، بالترقي في مراتبه تدريجيا، وهذه النزعة إليه هي التي أنشأت فكرته في نفسي، فذلك فرض باطل من وجهين:
أولهما:
أن هذه الفكرة لا تصور في نفسي درجات الكمال التي سأنالها أو التي يمكنني نيلها فحسب، بل إن كل درجة من الكمال أتصورها في نفسي أو في غيري، أتصور دائما فوقها درجة أعلى منها.
وثانيهما:
أن فكرة الكمال الأعلى التي أجدها في نفسي تحتوي كل درجات الكمال الوجودي الفعلي، الذي لا شيء منه بالقوة الإمكانية القاصرة؛ وإلا لم يكن هو المثل الأعلى، ولما أمكن وجود شيء من الكمالات الجزئية بالفعل؛ لأن ما هو بالقوة والإمكان فحسب لا يمكن أن يحدث ما هو بالفعل في حقيقته الإيجابية الظاهرة الباهرة؛ فإن فاقد الشيء لا يعطيه غيره.
وأخيرا، ليست هذه الفكرة اختراعا وفرضا افترضه خيالي، بل هي ضرورة تفرض نفسها على عقلي وعلى كل العقول.
فلم يبق إلا أن تكون صورة منعكسة على مرآة النفس من حقيقة إيجابية، وذات خارجية، هي مادة الكمال المطلق ومصدره، وهي المثل الأعلى، وما وضع هذه الصورة على لوحة نفسي إلا كوضع «سمة الصانع» على صنعته، أو «توقيع الكاتب» في رأس رسالته.
هذا التفسير لم يكن «ديكارت» أسبق الناس إليه، ولكنه أجاد تفصيله، وأحسن تثميره، في التأمل الثالث من تأملاته
Meditation troisieme .
Bog aan la aqoon