Dhiig ku saabsan Iridaha Adduunka Hoose
دماء على بوابات العالم السفلي: دراسة أثرية حضارية
Noocyada
واحتلت الأسطورة حيزا مهما من تراث الإنسانية ومجتمعاتها كافة، ولا يخلو مجتمع أو حضارة من أساطير ترتبط بتراثه جنبا إلى جنب مع الأشكال الأدبية والفنية الأولى التي تميز ثقافة ذلك المجتمع. وليس من السهل أن نعود لأكثر من سبعة آلاف سنة مضت لندرك ما كان يفكر فيه أسلافنا، وما اعتقدوا في الحياة والموت؛ أو لنستطيع أن نتصور كيف حاولوا تفسير أسرار الحياة والطبيعة وما يتعلق بهما، وما يزخران به من أشياء محيرة، خصوصا في ظل عدم استطاعتهم تدوين ما يختص باقتناعاتهم في تفسير ما كان يحيط بهم من ظواهر وأمور غامضة، ولكن بإمكاننا أن نمسك بالمفتاح الذي يزودنا ببعض المعلومات فيما يتعلق بمعتقداتهم، وذلك من اللقى والاكتشافات الأثرية التي يكتشفها علماء الآثار هنا وهناك، كالرسوم والنقوش الصخرية والتماثيل البدائية والمذابح والأدوات الحجرية؛ فجميعها أشياء تعطينا مغزى حقيقيا لدين معين. وإن لم يكتب الأقدمون شيئا، فبإمكاننا أن نستقرئ التاريخ بخصوصهم من خلال العادات والتقاليد التي لا تزال موجودة حتى اليوم، ومن خلال ما وصلنا مكتوبا على صفحات العصور التاريخية القديمة.
الفصل الأول
العقيدة والتضحية البشرية
كان السحر والدين في المجتمعات البدائية وجهين لعملة واحدة، ففي منظور السحر تتحول الأشياء كلها إلى رموز فيصبح الشيء هو الرمز نفسه، والرمز هو الكلمة، بينما يرتبط الدين بالقدرة الخارقة للآخرين سواء أكانوا آباء أم آلهة، وكانت المجتمعات البدائية تمارس الفعل عبر الرمز.
ولا أدل على ذلك من النقوش الصخرية ورسوم الكهوف التي عبر فيها الإنسان البدائي بالرمز عن أهدافه وغاياته، إن إنسان ذلك العصر بتنفيذه لرسومه ونقوشه الصخرية لم يكن يقصد منها مجرد أعمال فنية خالصة، بل كانت نوعا من التعاويذ السحرية التي من شأنها أن تحمي الصياد وتدله على مناطق الصيد الوفير. وتعتبر تلك الرسومات الصخرية في نظر إنسان ذلك العصر بمثابة ضمان ورمز سحري له أثره في التوفيق في عمليات الصيد.
1
وكان من أمثلة خدمة الفن للسحر في تلك الفترة ما جاء في رسم كهف الإخوة الثلاثة بفرنسا (شكل
1-1 ) حيث مثل الساحر بهيئة رجل متوج بقرون ظبي، أنفه يشبه منقار طير جارح وعيناه مدورتان كعيون البومة، أعضاؤه العليا قصيرة بصورة غير عادية، منتهية بمخالب تشبه مخالب الدب. وله ذيل حصان وعضو تناسلي لرجل يظهر بغرابة تحت الذيل. يبدو هذا الخيال الغريب ذو نصف الانحناءة وكأنه يؤدي رقصة طقسية كنوع من الممارسات السحرية.
2
وربما قصد من وراء هذا التخيل الإشارة إلى انتقال القوة الحيوانية ذات الرمز الطوطمي إلى البشر من خلال الدمج بين كلتا الهيئتين الحيوانية والآدمية، وذلك من خلال الرجل ذي القناع «الشامان» الذي يعد وسيطا روحيا بينهما؛ فهو مرشد الروح بين الطوطم «الحيواني» والإنسان.
Bog aan la aqoon