Difficult Hadiths in the Interpretation of the Holy Quran
الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم
Daabacaha
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٠ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
عليها، ولكنه ألقى في روعه ما وُهِبَ سليمان ﵇ فلم يُنفِذ ما قوي عليه من حبسه رغبة عما أراد سليمان الانفراد به، وحرصًا على إجابة الله تعالى دعوته، وأما غير النبي من الناس فلا يمكن منه، ولا يرى أحدٌ الشيطانَ على صورته غيره ﷺ؛ لقوله تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ)، لكنه يراه سائر الناس إذا تشكل في غير شكله، كما تشكل الذي طعنه الأنصاري حين وجده في بيته على صورة حية فقتله فمات الرجل به، فبين النبي ﷺ ذلك بقوله: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ" (١) ". اهـ (٢)
القول الخامس: أنَّ رؤية الجن ممتنعة مطلقًا إلا لنبي، أو في زمن نبي.
وهذا رأي: ابن حزم، حيث قال عن الجن: "وهم يروننا ولا نراهم، قال الله تعالى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) ....، وإذ أخبرنا الله ﷿ أننا لا نراهم، فمن ادعى أنه يراهم أو رآهم فهو كاذب، إلا أن يكون من الأنبياء ﵈ فذلك معجزة لهم، كما نص رسول الله ﷺ أنه تفلت عليه الشيطان ليقطع عليه صلاته قال: فأخذته فذكرت دعوة أخي سليمان، ولولا ذلك لأصبح موثقًا يراه أهل المدينة، وكذلك في رواية عن أبي هريرة ﵁ للذي رأى (٣)؛ أنها هي معجزة لرسول الله ﷺ، ولا سبيل إلى وجود خبر يصح برؤية حتى بعد موت رسول الله ﷺ، وإنما هي منقطعات، أو عمن لا خير فيه". اهـ (٤)
ونُقِلَ عن الإمام الشافعي أنه قال: "من زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن أبطلت شهادته؛ لأن الله ﷿ يقول: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ)، إلا أن يكون نبيًا". (٥)
القول السادس: أنَّ الآية خارجة مخرج التمثيل لدقيق مكر الشيطان وخفي حيله، وليس المقصود منها نفي الرؤية حقيقة.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب السلام، حديث (٢٢٣٦).
(٢) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٢/ ١٠٩).
(٣) سيأتي تخريجه في الصفحة الآتية.
(٤) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٣/ ١٧٩).
(٥) انظر: أحكام القرآن، للشافعي، ص (٥٤١).
1 / 221