وهذا اختيار ابن جرير الطبري. (١).
ورجحه: ابن المرابط (٢)، والقاضي عياض (٣)، وأبو العباس القرطبي (٤)، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والعراقي (٥)، وابن عثيمين (٦).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما قول السائل: هل يؤذيه البكاء عليه؟ فهذه مسألة فيها نزاع بين السلف والخلف والعلماء، والصواب: أنه يتأذى بالبكاء عليه كما نطقت به الأحاديث الصحيحة عن النبي ﷺ أنه قال: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"، وفي لفظ: "من ينح عليه يعذب بما نيح عليه".
ثم قال: "والمقصود هاهنا أَنَّ الله لا يعذب أحدًا في الآخرة إلا بذنبه وأنه (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
قال: وأما تعذيب الميت: فهو لم يقل: إن الميت يعاقب ببكاء أهله عليه، بل قال: "يعذب" والعذاب أعم من العقاب؛ فإن العذاب هو الألم، وليس كل من تألم بسبب كان ذلك عقابًا له على ذلك السبب ...، والإنسان يعذب بالأمور المكروهة التي يشعر بها مثل الأصوات الهائلة والأرواح الخبيثة والصور القبيحة، فهو يتعذب بسماع هذا وشم هذا ورؤية هذا، ولم يكن ذلك عملًا له عوقب عليه، فكيف ينكر أن يعذب الميت بالنياحة وإن لم تكن النياحة عملًا له يعاقب عليه؟
ثم النياحة سبب العذاب؛ وقد يندفع حكم السبب بما يعارضه، فقد يكون في الميت من قوة الكرامة ما يدفع عنه من العذاب، كما يكون في بعض الناس من القوة ما يدفع ضرر الأصوات الهائلة والأرواح والصور