ثم نشأ ببغداد أبو جعفر الطبري وداود الأصبهاني فألفا الكتب واختارا في المذاهب على رأي أهل الحديث واطرح داود منها القياس وكان لكل واحد منهم أتباع.
وسرت جميع هذه المذاهب فغلب مذهب مالك ﵀ أهل الحجاز والبصرة ومصر وما والاها من بلاد أفريقية والأندلس وصقلية والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذا وظهر ببغداد ظهورًا كثيرًا وضعف فيها بعد أربعمائة سنة وضعف بالبصرة بعد خمسمائة سنة وغلب من بلاد خراسان على قزوين وأبهر وظهر بنيسابور أولًا وكان بها وبغيرها له أئمة ومدرسون يأتي ذكرهم وكان ببلاد فارس وانتشر باليمن وكثير من بلاد الشام. وغلب مذهب أبي حنيفة ﵀ على الكوفة والعراق وما وراء النهر وكثير من بلاد خراسان إلى وقتنا هذا وظهر بأفريقية ظهورًا كثيرًا إلى قريب من أربعمائة عام فانقطع منها ودخل منه شيء ما وراءها من المغرب
1 / 61