Dhu Nurayn Cuthmaan Ibn Caffaan
ذو النورين عثمان بن عفان
Noocyada
وقلنا قبل ذلك: «إنه لا بد من ملك أو خلافة، ولن يكون ملك بأدوات خليفة ولا خليفة بأدوات ملك، ولم يكن معاوية زاهدا في الخلافة على عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان، ولكن الخلافة كانت زاهدة فيه، فلما جاء عصر الملك طلب الملك والملك يطلبه ...»
ثم قلنا: «كيف يكون المخرج بين سياسة الملك كما يطلبها العصر وسياسة الخلافة كما تطلبها البقية الباقية من آداب الفترة النبوية! ... أيفرق الأموال على رءوس القوم وقادة الجند وطلاب الترف؟! أم يلزمها عيشة النسك والشظف والجهاد؟! وإذا حرمهم وتألبوا عليه مع خصمه أفهو الغالب إذن بمطالب العصر ومقتضياته ودواعيه أم هم الغالبون؟! وإذا أعطاهم ليبذخوا بذخ الملك الدنيوي وهو وحده بينهم الناسك المجتهد على سنة النبوة، أفيستقيم له هذا «الدور» العجيب وهو في جوهره متناقض لا يستقيم؟!»
تلك هي العقدة التي استحكمت في عهد عثمان ووجب أن تنقطع في عهد علي ومعاوية.
وإعادة النظر في جميع الأسباب والتبعات تعود بنا إلى نظرة فاصلة في هذه المشكلة التي زادها نفر من المؤرخين إشكالا بما أضافوه إليها من الأسباب المختلفة والأسباب الصحيحة التي خرجوا بها على غير مخرجها.
فنحن أولا في تاريخ الخليفة الثالث أمام حادثين لا تكفي أسباب أحدهما لتفسير الحادث الآخر.
ونحن في الحادثين جميعا بعد هذا أمام أسباب لا تفعل فعلها لو جاءت في فترة أخرى، ولعلها تفعل نقيض فعلها فتؤيد ولي الأمر ولا تخذله كما تأيدت دولة بني أمية بالعطايا والعمائر، وكان فيها خذلان عثمان ومشيره مروان.
وما لم تنقطع غاشية هذا اللبس وهذا الإبهام من تاريخ هذه الفترة؛ فنحن نسلكها في ضباب لا تبدو فيه الأشباح والصور على حقيقتها؛ ومن ثم رجونا أن نبدأ السيرة وقد تبدد ما حولها من غواشي ذلك الضباب الكثيف، وسنبدؤها من حيث تبدأ في طريق لا يبهمه اختلاط الأسباب ولا التعويل عليها مبتورة منفصلة الرءوس والأذناب.
الفصل الخامس
بين الجاهلية والإسلام
نشأ عثمان بن عفان في أسرة أموية تنتمي إلى أمية جد أبيه، وعند أمية يكثر الخلاف على سلسلة النسب بين أسرته والنسابين؛ فلا تتفق الأقوال المتضاربة على قول حاسم.
Bog aan la aqoon