قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد، أعمالا بفقه واجتهاد وورع، وله صوت كصوت الرعد، وضوء كضوء البرق، ومعه ثلاثة آلاف ملك، فيمر بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك: أنا صاحب الحق، قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، واقفل على قلبه، أنا ملك الحجاب، أحجب كل عمل ليس لله، إنه أراد به رفعة عند القراء وذكرا في المجالس وصوتا في المدائن، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، مالم يكن لله خالصا.
قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا، من حسن خلق وصمت وذكر كثير، وتشيعه ملائكة السموات، والملائكة السبعة بجماعتهم، فيقطعون الحجب كلها، حتى يقوموا بين يدي الله تبارك وتعالى، ويشهدوا عليه بعمل خالص ودعاء، فيقول الله عز وجل: أنتم حفظة على عمل عبدي، وأنا رقيب على مافي نفسه، إنه لم يردني بهذا، عليه لعنتي، فتقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا، ويقول أهل السماء: عليه لعنة الله تعالى ولعنة السبعة ولعنتنا (( .
ثم بكى معاذ، فقال قلت: يا رسول الله ما اعمل ؟ قال: ))إقتد بنبيك يامعاذ في اليقين ((. قلت: يا رسول الله أنت رسول الله، وأنا معاذ بن جبل. قال: ))وإن كان في عملك تقصير يامعاذ، فاقطع لسانك عن إخوانك، وعن حملة القرآن، ولتكن ذنوبك عليك، لاتحملها على إخوانك، ولاتزك نفسك بتذميم إخوانك، ولاترفع نفسك بوضع إخوانك، ولاتراء بعملك لكي يراك الناس، ولاتدخل أمر الدنيا في الآخرة، ولاتفحش في مجلسك لكي [لا] يحذروك لسوء خلقك، ولاتناجى مع رجل وعندك آخر، ولاتتعاظم على الناس فتنقطع عنك خيرات الدنيا والآخرة، ولاتمزق الناس فتمزقك كلاب النار، قال الله عز وجل: {والناشطات نشطا}[النازعات: 2] ، تدري ماهو ؟ قلت: يانبي الله ماهو ؟ قال: ))هو (1) كلاب في النار تنشط اللحم والعظم ((. قلت: من يطيق هذه الخصال ؟ قال: ))يامعاذ إنه ليسير على من يسره الله ((.
Bogga 45