أمير المؤمنين الوزير الظهير، الموفق بحسن التدبير.
وبعد أداء الفروض المقدمة الواجبة، والسنن المؤكدة الراتبة، وقضاء حقوقها المستثبتة الأزلية وسلوك طرقها المستقيمة اللاحبة، فإن أولى ما صنفه المفيد، وعنى بقراءته المستفيد، جمع أخبار الأمم الخالية، وحفظ تواريخ الأزمان الماضية، لأنها أوفى المصنفات فائدة وأكثرها عائدة، وأحسنها أثرا، وأطيبها ثمرا، إذ كان أنفع العلوم ما أدت مقاصده إلى التوحيد، ووقفت موارده على تثبيت قدرة الخالق فى نفوس العبيد، وفى تدبير اختلاف الليل والنهار، وتأمل مجاري الأقدار وتقلب الأدوار، فى توالى الأمم وتعاقبها، وتداول الدول وتناوبها. قال الله تعالى: وتلك الأيام نداولها بين الناس 3: 140 [1] اكبر دليل على وحدانية من ينبتهم ثم يحصدهم [5] ويشقيهم ويسعدهم، وينشئهم ويبيدهم، ويعيدهم، ويحييهم ويميتهم «وهو على جمعهم إذا يشاء قدير» تبارك اسمه وجل ثناؤه، وعظمت قدرته وكثرت آلاؤه، مرجع الخلق والأمر إليه و «بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه» 23: 88 [2] له الحمد كله وبتوفيقه يتضح فى الرشاد سبيله، فلا عبادة إذا أرقى من التوحيد فموقعه من العبادات موقع الرأس من الجسد به اعتداله وبقاؤه، ومحله من الاعتقادات محل الروح من الجسم بها حياته ونماؤه.
ولو لم يكن علم القصص عظيما لما من الله تعالى به على نبيه عليه السلام فقال: نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين 12: 3 [3] وقال سبحانه:
Bogga 9