(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)
وقيل لحكيم: ألا تعظ فلانًا، فقال: ذلك على قلبه قفل ضاع مفتاحه، فلا سبيل إلى معالجة فتحه.
وللإنسان مع كل فضيلة ورذيلة ثلاثة أحوال:
إما: أن يكون فىِ ابتدائها، فيقال: هو عبدها وابنها، ولهذا قال بعضهم: من لم يخدم العلم لم يرعه.
والثاني: أن يتوسطها فيقال: هو أخوها وصاحبها.
والثالث: أن ينتهي فيها بقدر وسعه، ويتصرف فيها كما أراد فيقال: هو سيدها وربها، ومنه قيل: فلان رباني في العلم، فإن رب الشيء هو الذي - ربه، وسيده هو الذي يملك سواده، - أي جميعه.
وغاية الفاضل في الفضيلة أن تقع منه الفضائل أبدًا من غير فكر ولا رَويَّة، لغلبة قواها عليه، وبعد ما ينافيها منه، كالصانع الحاذق في صنعته.
وغاية الرذل في الرذيلة أن تقع منه الرذائل لغلبة قواها عليه، ولهذا حُدَّ الخُلُق
بأنه: حال للإنسان داعية إلى الفعل من غير فكر ولا رويَّة.
الفرق بين ما يحمد ويذم من التخلق
الفرق بين الخلق والتخلق أن التخلق معه استثقال واكتئاب، ويحتاج إلى بعث
وتنشيط من خارج، والخلق معه استخفاف وارتياح ولا يحتاج إلى بعث من خارج.
والتخلق والتشبه بالأفاضل ضربان:
ضرب محمود: وذلك ما كان على سبيل الارتياض والتدرب، ويتحراه صاحبه سرَّا
1 / 102