والنصبة، قالت: ليس هذا أسألك، قلت: ولا بغير هذا أجاوبك، قالت: حكم الجواب أن يقع على أصل السؤال، وأنا إنما أردت بذلك إحسان النحو والغريب اللذين هما أصل الكلام، ومادة البيان. قلت: لا جواب عندي غير ما سمعت، قالت: أقسم أن هذا منك غير داخلٍ في باب الجدل، قلت: وبالجدل تطلبيننا [وقد عقدنا سلمه، وكفينا حربه] وإن ما رميتك به منه لأنفذ سهامه، وأحد حرابه [وهو من تعاليم الله ﷿ عندنا في الجدل في محكم تنزيله، قالت: أقسم أن الله ما علمك الجدل في كتابه، قلت: محمول عنك أن خفيف، لا يلزم الإوز حفظ أدب القرآن، قال الله ﷿ في محكم كتابه حاكيًا عن نبيه إبراهيم ﵇: ﴿ربي الذي يحيي ويميت، قال أنا أحيي وأميت﴾ (البقرة: ٥٥٨) . فكان لهذا الكلام من الكافر جواب، وعلى وجوبه مقال، ولكن النبي ﷺ لما لاحت له الواضحة القاطعة رماه بها وأضرب عن الكلام الأول، قال ﴿فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب؛ فبهت الذي كفر﴾ وأنا لا أحسن غير ارتجال شعر، واقتضاب خطبة، على حكم المقترح والنصبة. فاهتزت من جانبيها، وحال الماء من عينيها، وهمت بالطيران، ثم اعتراها ما يعتري الإوز من الألفة وحسن الرجعة، فقدمت عنقها ورأسها إلينا تمشي نحونا رويدًا، وتنطق نطقًا متداركًا خفيًا، وهو فعل الإوز إذا أنست واستراضت وتذللت، على أني أحب الإوز وأستظرف حركاتها وما يعرض من سخافاتها] .
ثم تكلمت بها مبسبسًا، ولها مؤنسًا، حتى خالطتنا وقد عقدنا