272

Dhakhira

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

Tifaftire

إحسان عباس

Daabacaha

الدار العربية للكتاب

Goobta Daabacaadda

ليبيا - تونس

واتكأ لي على كفه، فقال: تحيل على الكلام لطيف وأبيك! فقلت: وكيف ذلك - قال: أومأ علمت أن الواصف إذا وصف شيئًا لم يتقدم إلى صفته، ولا سلط الكلام على نعته، اكتفى بقليل الإحسان، واجتزا بيسير البيان - لأنه لم يتقدم وصف يقرن بوصفه، ولا جرى مساق يضاف إلى مساقه، وهذه نكتة بغدادية، أنى لك بها يا فتى المغرب - فقلت لزهير: من هذا - قال: زبدة الحقب، صاحب بديع الزمان. فقلت: يا زبدة الحقب، اقترح لي. قال: صف جارية، فوصفتها؛ قال: أحسنت ما شئت أن تحسن؛ قلت: أسمعني وصفك للماء، قال: ذلك من العقم [قلت: بحياتي هاته، قال]: أزرق كعين السنور، صاف كقضيب البلور؛ انتخب من الفرات، واستعمل بعد البيات، فجاء كلسان الشمعة، في صفاء الدمعة.
فقلت: انظره يا سيدي كأنه عصير صياح، أو ذوب قمرٍ لياح؛ لعه في إناثه، اصباب الكوكب من سمائه؛ العين حانوته، والفم عفريته، كأنه خيط من غزل فلق، أو محضر يضرب به من ورق؛ يرفع عنك فتردى، ويصدع به قلبك فتحيا.
فلما انتهيت في الصفة، ضرب زبدة الحقب الأرض برجله، فانفرجت له عن مثل برهوت، وتدهدى إليها، واجتمعت عليه، وغابت عينه، وانقطع أثره. فاستضحك الأستاذان من فعله، واشتد

1 / 276