185

Dhakhira

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

Tifaftire

إحسان عباس

Daabacaha

الدار العربية للكتاب

Goobta Daabacaadda

ليبيا - تونس

حماد؛ وذلك أنه لما أفضى ملكهم إلى بلقين بن محمد منهم، أحد جبابرة الإسلام، المفتاتين على الأنام، من رجل كان لا يملأ يده إلا من لبدة أسد، ولا يسرح لحظه إلا في نهاب بلد مضطهد، ولا يراح إلا وبحر الموت يلتطم، ولا يكلم إلا حين يبتسم قد تجاوز في شذوذ أمنيته، وقهره لرعيته، والإخافة لأقرانه، والاستبداد على زمانه، غاية من سلف من جبابرة الأرض، وسمع به من فراعنة الإبرام والنقض، إلى شهرة آثاره، وتطاوح أسفاره، وما لا يحصى من عجائب أخباره.
حدثت أنه آب مرة من بعض غزواته الأفراد، المقلقلة لأحشاء الأنام والبلاد؛ فكأنه ارتاح إلى ما يرتاح إليه الناس من إراحة نفسه، والخلوة ولو ساعة بوجه أنسه؛ فجلس لذلك مجلسًا حشد له شهواته، وتقدم في إحضار ما يصلح له من آلاته وأدواته؛ وأمر قيمة جواربه باستحضار عقيلة أترابها يومئذ جلالة سلطان، وحسن سماع وعيان، إحدى بنات عمه دنيا، لم ير بعدها - زعموا - ولا قبلها أبرع ظرفًا، ولا أقتل طرفًا منها؛ فجاءت تود الثريا لو تكون نعلها، والشمس لو تصور مثلها، وقد خطرت بنفسه إحدى هناته، وتمثلت له بعض غزواته؛

1 / 189