117

Dhakhira

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

Baare

إحسان عباس

Daabacaha

الدار العربية للكتاب

Goobta Daabacaadda

ليبيا - تونس

وله من أخرى، عن المظفر بن أبي عامر، حين قتل عيسى بن سعيد القطاع وزيره: أيها الناس - وفقكم الله لعصمته، واستنقذكم برحمته - إن من علم منكم حال الخائن عيسى بن سعيد بالمشاهدة، ورأى مبلغ النعمة عليه بالمحاضرة، فقد اكتفى بما شهد، واجتزأ بما عاين وحضر؛ ومن غاب عنه كنه ذلك من عوامكم بانتزاح منزل أو لاتصال شغل، فليعلم أنا أخذناه من الحضيض الأوهد، وانتشلناه من شظف العيش الأنكد، فرفعنا خسيسته، وأتممنا نقيصته، وخولناه صنوف الأموال، وصيرنا حاله فوق الأحوال؛ فدلله بذلك المنصور مولاي رضي الله تعالى عنه، فاعتمدته ومهدت له فرش الكرامة، وبوأته دار الفخامة، وأسبغت من نعمي عليه، ما أحوج الخاصة والعامة إليه، فلم يقم لله تعالى بحق، ولا قابل إحسانه بصدق، ولا عامل رعيتنا برفق، ولا تناول خدمتنا بحذق؛ بل أعلن بالمعاصي، واستذل الأعزة وذوي الهيئات والمروءات، ونافرهم وأنس بأضدادهم، ونبذ عهودنا، وخالف سبلنا، وكدر على الناس صفونا؛ حتى إذا ملكه الأشر، وتناهى به البطر، وغلت به الأمور، وغره بالله الغرور، حاول شق عصا الأمة، وهد ركن الخلافة والأمانة، بما احتجن من حرام المال، واستمال من طغام الرجال؛ فحجته نعمنا عنده، وخصمته عوارفنا لديه، وكشف لنا سر نيته، حتى صرعه بغيه، وأسلمه غدره، وأخذه الله بما اجترم، وأوبقه بكا اكتسب، فأعجلناه عن تدبيره، وصار إلى نار الله وسعيره.

1 / 121