ولد سنة 1213 في بشامون، ولكنه نشأ في الشويفات، وكان بصيرا بالأمور شجاعا وديعا صبورا طويل القامة أسمر مهيبا، وكان لما ظفر الأمير بشير بالشيخ بشير من أحزاب الشيخ، ففر مع أخويه الأمير حيدر والأمير أمين إلى حوران؛ حيث مكث سنة ثم رجع فصودر على مال أداه، ولبث مضطرب البال حتى إنه اضطر أن يفر ذات ليلة إلى طرابلس لائذا بواليها علي باشا الأسعد المرعبي؛ استنادا إلى ما بينهما من الصداقة من قبل. وقد صحبه إلى بر الأناضول عندما فصل عن طرابلس، ثم رجع إلى عكة ولاذ بعبد الله باشا، فأجرى هذا عليه وظيفة كانت تدفع إليه في كل شهر، وجعله في قرية من أعمال صفد؛ فبقي في القرية حتى جلت العساكر المصرية عن سورية، وكان ذلك سنة 1247 فرد إلى الجبل حاكما. ولما قدم إبراهيم باشا بدت من الأمير أحمد بسالة عظيمة، ولما انتصر إبراهيم باشا عاد الأمير إلى قونية، ثم سار منها إلى الآستانة لانتصار العساكر المصرية في قونية أيضا، وفاز بالمثول لدى الصدر الأعظم، فأثنى الصدر عليه، وشكر له همته وبلاءه الحسن في الحرب، وجعل له راتبا قدره ألفا غرش في كل شهر، ثم صحب العساكر المصرية، ثم رجع إلى بيته بعد تغيبه عنه مدة لا تنقص عن سبع عشرة سنة، ثم لما كان ما كان من أمر الحادثة الأولى في الجبل - وذلك في سنة 1257 - اعتقله عمر باشا المجري في جملة من اعتقل وسجن في بيروت، فثارت الناس بعمر باشا فعزل، ثم فصل الجبل إلى شطرين بطريق الشام وذلك في أيام ولاية أسعد باشا سنة 1259، فنصبه أسعد باشا في منصب قائمقام على الدروز - وهو أول قائمقام عليهم - ولبث في ذلك المنصب حتى جرت حوادث 1260، فحضر شكيب أفندي منفذا من لدن الدولة العلية لإطفاء ثائرة الثورة، فخلعه وجعل أخاه الأمير أمينا مكانه، وكان ذلك سنة 1261 فأتى بيروت واستوطنها حتى غشيها الوباء الأصفر سنة 1264، فأتى بأهله الغدير حيث توفي بالوباء نفسه، وكان عمره إحدى وخمسين سنة فدفن في مقام الإمام الأوزاعي، وكان ابنه الأمير خليل طفلا فأسف القوم عليه واحتفلوا بجنازته ورثته الشعراء، وقال فيه شاعر العصر الشيخ ناصيف اليازجي تاريخا حفر على ضريحه؛ وهو:
لقد ناحت ربى لبنان حزنا
على من كان في يده الزمام
أمير من بني رسلان كانت
تذل له الجبابرة العظام
كريم قد توارى في ضريح
تحف به الملائكة الكرام
فصادف أرخوه مقر مجد
تجاور فيه أحمد والإمام
سنة 1264
Bog aan la aqoon